23-10-2014

الإرهاب المروري

في السنوات الأخيرة تنوعت أساليب الإرهاب التي ينتج عنها الأذى بالإنسان سواء كان فكرياً أو جسدياً، ومن أخطرها التفجير وحوادث المرور التي ترتكب من قبل بعض قائدي المركبات المستهترين بأنظمة وآداب السلامة المرورية والذين أستهدفهم في هذه المقالة التي تعبر عن كل مستخدمي الطرقات والشوارع في مملكتنا الغالية، حيث أصبحت الحوادث ظاهرة منتشرة في جميع مدن وقرى وهجر المملكة على مدار الدقيقة والساعة وحالات الوفيات والإصابات البالغة حاضرة ومراسم العزاء والمشاركات الوجدانية لا يخلو منها أي بيت إلا القليل، كل ذلك بسبب عدم وجود الحزم المروري مع المستهترين بالأنظمة وأرواح الناس، فمعظم مرتكبي هذه الحوادث هم من الشباب المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثامنة عشرة والواحد والعشرين والسيارات تقدم لهم بكل أريحية من أسرهم بحجج واهية لا يدركون عواقبها إلا بعد فوات الأوان، عندما يقع الفأس بالرأس والحسرة والندامة من قبل بعض الأسر الذين استسلموا للضغوطات العائلية التي أحياناً تأتي من الزوجة (وش زود عيالي عن عيال عمهم هذا هم يسوقون وأعمارهم صغيرة) وغيرها من الحجج التي ما أنزل الله بها من سلطان، علماً بأنه لو خيرت هذه الأسر ابنهم من خلال رؤية مفتعلة بأنها رأت رؤية أنك عند قيادتك للسيارة سوف يحصل لك حادث وتموت بسببه لأمتنع عن ذلك بالتأكيد، وواقعنا اليوم يجدها حقيقة ليس من خلال رؤية إنما من خلال معطيات التي يجزم بها كل من أتاح الفرصة لابنه لقيادة السيارة وهو في سن المراهقة.

وهنا أتساءل عن بعض الآباء الذين يرون أن أعز استثمار في حياتهم هو أبنائهم من خلال إعدادهم وتعليمهم وتربيتهم ورعايتهم صحياً وبدنياً وإبعادهم عن كل شيء يهدد حياتهم، أين هم الآن في المحافظة على هذا الاستثمار في لحظة وبدون مقدمات تجد بعض أرباب الأسر يستجيب ويستسلم لعواطفه والتأثيرات الأسرية التي أشرت إليها في ثنايا هذه المقالة، ويذهب إلى أحد المعارض ويقوم بشراء السيارة التي يرغب بها ابنه ويسلمها إليه دون التفكير بشروط السلامة المرورية والسن المحددة لحصوله على التصريح ورخصة القيادة لأنه يرى أن إسعاد أبنه مقدم فوق كل اعتبار ؟ وماهي إلا أيام ويبدأ رب الأسرة ومن خلفه العائلة تعيش حالة من التوتر والفزع نتيجة للحوادث المتكررة التي يرتكبها ابنهم أثناء قيادته للمركبة، وقد وصل الأمر عند بعض الأسر أنه أثناء سيرهم ومشاهدتهم لبعض الحوادث يحدثون أنفسهم (عسى ولدي مهوب معهم) ولم يقتصر عند هذا الأمر، حيث الاتصالات الهاتفية مع أبنائهم مستمرة أين أنت لماذا تأخرت؟ ففي بعض الأحيان يجد اجابة واحياناً يجد الهاتف المحمول مغلقا ويزداد التوتر داخل الأسرة (عسى ما حصل حادث لابني) وغيرها من التساؤلات التي تحدث شرخاً داخل الأسرة بسبب تساهلهم في قيادة ابنهم المركبة في سن مبكرة، ووسط هذه التصرفات التي تتحملها الأسرة قبل كل شيء أتساءل عن دور الجهات الأخرى ومن أهمها المرور، فلماذا الإرهاب المروري أصبح هاجس كل مستخدمي الشوارع والطرقات وأيديهم على قلوبهم خوفاً من وقوع الحادث في أي لحظة، نتيجة غياب القوانين الرادعة فالحوادث تنتهي إجراءات مباشرتها في لحظات دون عقوبات مجرد تحقيق المرور الذي ينتهي بحضور شركة نجم المعنية بالحوادث، أما العقبات الأخرى المضاعفة التي يتم تطبيقها في بعض الدول ليس لها وجود في أنظمة المرور، فالزحام الذي نشاهده الآن في بعض شوارعنا أسبابه المخالفات المرورية ويفترض معاقبة المتسبب في الحادث حتى لو تطلب الأمر إلى سجنه، لأنه ارتكب مخالفة أضرت بفئة كبيرة من المواطنين الذين انتظروا داخل مركباتهم دقائق وربما ساعات، وبهذه الطريقة نستطيع التخفيف من نسبة الحوادث لأن الأمر لا ينحصر في الوفيات وتلفيات السيارات التي عادة يحفظها القضاء والتأمين، إنما في العقوبة التي ترتبت على ارتكاب هذا الحادث.

والله من وراء القصد.

- أمين مكتبة مكتب التربية العربي لدول الخليج سابقاً

مقالات أخرى للكاتب