23-10-2014

الخلط بين شعر (المدح) و(الشحاذة)!!

شعر المدح غرض من أغراض الشعر له قيمته الأدبية، والتاريخية، والاجتماعية، ولطالما ردَّد رفيعو الذائقة عبر الزمان نماذجه المتفردة كقصيدة الشاعر حسان بن ثابت في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومنها:

وأحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني

وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ

خُلقتَ مبرأَّ منْ كلّ عيبٍ

كأنكَ قد خلقتَ كما تشَاءُ

وشعر المدح فيه من توثيق مكارم أخلاق الرجال ونبلهم ومروءاتهم ومواقفهم الكبيرة على كل الأصعدة ما يستحق الاحتفاء به كفن أدبي رفيع، أما أن يأتي البعض - بسوء نية - بالهمز واللمز أحيانا وبمداد سيئ في اطروحاته أحيانا اخرى أخرى ليخلط بين شعر المدح ونظم الشحاذة الوضيع، فهذا أمر مردود عليه شاء أم أبى، فالشعراء الشعبيون هم أبناء الفطرة الإسلامية السليمة وهم أبناء رجال نشّأوا أبناءهم على عزة النفس والعصامية والقيم النبيلة والنهج السوي والقناعة والعفاف. قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} سورة هود (6)، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ}.. الآية أي ليس شيء يدبُّ على وجه الأرض، من إنسان أو حيوان، إلا تكفَّل الله برزقه، تفضلاً منه وكرماً، فكما أنه سبحانه الخالق، كان هو الرازق. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس الغِنَى عَنْ كَثَرةِ العَرَضِ، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ) متفق عليه.

(العَرَضُ) بفتح العين والراءِ: هو المال. وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (قد أفلح من أسلم، وَرُزِقَ كفافاً، وقَنَّعهُ الله بما آتاه) رواه مسلم.

كما أن الكثير من نصوص الشعر - الفصيح وصنوه الشعبي - تحث على المثالية والفضيلة والكرامة وكل نموذج منها هو رد بحد ذاته يفلج الحجج الواهية على من يعمّم أحكامه على الشعراء بشكل يُحرج موقفه ويفضح وعيه المتدني، وحري به أن يكون أكثر شجاعة ورجولة ليشير إلى أسماء بعينها، إن كان يريد أن يتعمد الإساءة لأسباب خاصة به ويصفي حساباته، لا أن يمارس التعميم الذي يوصف بأنه لغة الحمقى.

وقفة:

للشاعر الكبير بدر الحويفي

ماني شفوحٍ بحق الناس طمَّاعي

ما حرّك اللِّي تجرر في مباركها

ولاني من اللِّي يثيره طق الأصباعي

اللِّي سموعه بسلك الماس شابكها

أنا مع الحق وأهل الحق مطواعي

أخاطب الناس بالواقع واشاركها

والكلمه التافهة ما تدخل اسماعي

ما اعامل الناس بالفوضى واشربكها

ما اكرب حزامي عليهم وافسر ذراعي

ولا اصفق عليهم كفوف الغيظ وافركها

عقلي عن الظلم والتزوير ردّاعي

مادامي أملك كفاح النفس وادركها

abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب