ينطلق 5 مارس بمتابعة الشيخ د. سلطان القاسمي

بينالي الشارقة للفنون شريك في بناء حضارة الخليج الحديثة

تحقيق - محمد المنيف:

بدعم ومتابعة من حاكم الشارقة د. سلطان القاسمي تستعد إمارة الشارقة لإقامة بينالي لدورته الثانية عشرة لبينالي الشارقة الذي جعلت منه مديرته والمطورة لخطواته الشيخة حور القاسمي شريكا في بناء حضارة الخليج الحديثة، فمنذ أن تولت سمو الشيخة حور عام 2003م إدارة بينالي الشارقة، انتقل التركيز بصورة مباشرة أكثر نحو الفنانين أنفسهم، ليتأسس بالتالي ما ثبت أنه ثيمة دائمة في تعبيرات البينالي المستقبلية.

وقد تبنى البينالي مجددا بدءاً من عام 2009 مقاربة جديدة، عبر نشر دعوة مفتوحة للفنانين للمشاركة بأعمالهم وتوفير الفرصة لتحقيق المشاريع الفنية، مع منح إنتاجية خصصت لهذا الغرض يمنح البينالي في كل دورة من دورات البينالي، جائزة عبر لجنة تحكيم مكونة من شخصيات فنية عالمية بارزة.

جولة تعريفية لبينالي الشارقة 12

وفي سياق الاستعدادات لإقامة الدورة الثانية عشرة لبينالي الشارقة في مارس من العام القادم ما بين 5 مارس - 5 يونيو، 2015م وضمن الجولات التعريفية التي تقوم بها مؤسسة الشارقة للفنون للتعريف ببينالي الشارقة 12 عبر المتاحف ومؤسسات الفن في العالم استضاف المتحف الحديث في نيويورك الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون والقيمة الفنية على بينالي الشارقة 12 أُنجي جو إضافة إلى فنانين وقيمين ومديري متاحف.

تضمن اللقاء محادثات بين فنانين وقيمين حول أهمية البيناليهات ليتم تباعاً خلال اللقاء الحديث عن أهمية بينالي الشارقة تاريخياً وتناول ثيمة بينالي 12 الذي يحمل عنوان «الماضي، الحاضر، الممكن». حيث أشارت الشيخة حور القاسمي إلى تجربتها في بينالي الشارقة منذ تأسيسه عام 1993 في إمارة الشارقة، والتغيرات التي أسهمت بها بعد توليها إدارة بينالي الشارقة عام 2003، وشرحت التطور الذي مر به البينالي على مدى أعوام، كما أشارت إلى البرامج الفنية والتعليمية والعامة التي تقدمها مؤسسة الشارقة للفنون على مدار العام.

مشيرة إلى أن برنامج بينالي الشارقة 12 سيضم فعاليات داعمة تقود تباعاً إلى تدعيم المفهوم الفني الثقافي الذي يتبناه البينالي في هذه الدورة، وذلك عبر عقد محاضرات شهرية وورش عمل في الشارقة من سبتمبر 2014 ولغاية فبراير 2015، إضافة إلى البرامج التعليمية واللقاءات والندوات. أما لقاء مارس السنوي فيمتد برنامجه في الفترة ما بين 11 - 15 مايو 2015، ويضم إسهامات مميزة من تنظيم فنانين ومشاركة ممارسين ثقافيين في بينالي الشارقة 12.

خطوات متميزة ومشاركة سعودية مشرفة

لاشك إن بينالي الشارقة ومنذ انطلاقته عام 1393م يشكل نقلة قوية في تقريب مفهوم الفن العالمي إلى محيطنا الخليجي الذي كان يفتقر إلى مثل هذه الفعالية، فكان للشارقة وبما حظيت به من نظرة ثاقبة لحاكمها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي الرجل المثقف والذي حقق ببعد نظرة أكبر حدث فني إبداعي جذب من خلالها العلم إلى الشارقة ليشكل بها مركز النظر لكل المبدعين العالميين التي تتجه لهذا البينالي وللنقاد والمؤرخين وموثقي الحراك الفني الحضاري.

هذا الحدث الذي امتد تأثيره الأفقي بدء بالخليج مرورا بالعالم العربي وصولا إلى العالم جذب في بداية انطلاقته الفنانين الخليجيين ومنحهم فرصة المنافسة وحصد الجوائز فكان لفوز كل من الفنان عبد الرحمن السليمان بالجائزة الثالثة في دورة البينالي الثالثة محمد وفوز الفنان محمد الغامدي بالمركز الأول في الدورة الخامسة للبينالي تشريفا للفن التشكيلي السعودي وتأكيدا على قدرته التواصل ومسايرة كل جديد.

آراء وشهادات تشكيليين سعوديين

سعينا من خلال الصفحة التي تتشرف بدعوة البينالي المتواصلة لتغطية فعالياته وعلى مدى أكثر من سبع سنوات لان نطلاح رأي آخر لمجموعة من التشكيليين السعوديين الأكاديميين وأصحاب الخبرات ممن شدوا الرحال لحضور فعاليات البينالي ولأكثر من دورة فعدنا بالمداخلات التالية:

يقول الفنان أحمد حسين مدير صالة «دما أرت» للفنون في جدة: إن ما حدث من تطور في بينالي لشارقة خصوصا سبل العرض والفكرة بعد تولي الفنانة الشيخة حور القاسمي لإدارة البينالي والنهوض بالبينالي لمواكبة الفن العالمي وعرض ما يستجد من أعمال فنية وبخاصة المفاهيمية والفيديو أرت التي برزت في عدة دورات وأثرت بشكل كبير ومباشر الفنان الإماراتي والعربي على حد سواء. وأصبح لهذه الأعمال مريديها والمبدعين فيها واستمر الحال للأفضل.

أما الفنانة د. عبير بنت مسلم الصاعدي أستاذ التربية الفنية المشارك بجامعة أم القرى فتقول إن إمارة الشارقة مدينة لا تهدأ طيلة العام من الحراك الفني والثقافي، وتستقطب العديد من المهتمين والمثقفين بتجاربها وبرامجها المستمرة والتي لا تنضب. ومن أهم إحداثياتها (بينالي الشارقة) وبالرغم من أن البينالي تاريخياً لا يعد الأول على مستوى المنطقة حيث أن انطلاقته بدأت عام 1993م أي منذ عقدين من الزمن، إلا أن استمراريته وتطوره الملحوظ رسخ له اسم عظيم في جذور الثقافة والفن. وقد تميز بوجود بيئة حاضنة وداعمة للثقافة والفن والتاريخ (حكومة الشارقة)، وتلقته أيدي مثقفة ومنفتحة على الآخر ( الشيخة حور القاسمي ) والتي أرادت له العالمية بخبرتها ودراستها المتخصصة فكان لها ما طمحت وخططت.

وقد أصبح اليوم الحدث الأكبر والأهم في مجاله، ساعده في ذلك تجاوزه للنمطية في الفكر والإعداد والتنظيم والمشاركة. وهو مبادرة نوعيه فريدة في منطقة الخليج وله أثر كبير على المستوى المحلي والعالمي، استطاع أن يوثق أهم وأحدث التجارب الفنية والفكرية في العالم في منصة عرض عالمية تتميز بالتعددية الثقافية والفكرية والفنية، وبالثراء المتنوع. كما استطاع أن يشغل فكر المشاهد إلى جانب بصره وفؤاده، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويات الثقافية والحضارية، وقد تعدت منافعه الثقافية المنتج البصري والفكري إلى البرامج التي تتزامن معه وتقاسمه الأهمية.

وكان من آثاره - مع التجارب المنافسة له - أن العديد من الفنانين والنقاد استطاعوا تقبل المستجدات المعاصرة في عالم الفنون البصرية، وما من دليل أوضح من خروج اللوحة الفنية وأدواتها من إطارها التقليدي خلال السنوات الماضية فتقبلها المتلقي، كما تقبل أسلوبها الفنان التقليدي فاستبدل أدواته بأدوات أكثر معاصرة، والتي أجزم أنها نقلت بالمثقف والفنان الخليجي إلى فكر عالمي جديد، ويتضح ذلك في أن العديد من أساليب الفنانين الخليجيين والعرب اتخذت منعطفًا ومنحى آخر في السنوات القليلة الماضية، فقد ظهرت الأساليب الفنية المعاصرة غير التقليدية -مثل المفاهيمية وفن الضوء وفن الفيديو وغيرها - في العديد من اتجاهات الفنانين اللذين أدرك البعض جوهرها، وتلقى البعض قشورها.

ومن أهم ما يميز تجربة بينالي الشارقة الرائدة أنها لم تكتفي بإحضار المنتج والنماذج فحسب، بل استطاعت أن تأتي بالعقول العالمية لفناني الخليج ليحدث التمازج والتعلم بالأقران والتبادل الثقافي واكتساب الخبرات من خلال الاحتكاك والمباشرة، إضافة إلى دورها الرائد في دعم الطاقات الإبداعية الشابة من الفنانين والكتاب والنقاد.

إلا أن الملاحظ أن عدد المشاركات العربية وخاصة الخليجية قليلة، وقد يعزى ذلك إلى شروط التقييم والمشاركة، إلا أنني أتمنى أن تخصص مساحة أكبر لفناني الخليج للمشاركة في البينالي والبرامج المصاحبة له، ويكون ممن يجيدوا التعامل مع الرموز التراثية في قالب معاصر لا يفقدها الهوية والأصالة، حتى يكون حوارنا مع الآخر أوقع أثرًا وأشد وضوحًا. كما أتمنى أن تعمم تجربة البينالي مع برامجها في العديد من الدول الخليجية والعربية.

من جانبه يقول الفنان فيصل الخديدي مدير فرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون بالطائف أن بينالي الشارقة الذي يعيش تجهيزاته النهائية لدورته الثانية عشر 2015 ويأتي استمرار دورات البينالي من العام 1993 وحتى الآن دليل على المنهجية العلمية التي يسير فيها ووضوح الرؤية التي تدار بها برامجه وفعالياته واعتماد مشاريعها بحيوية وتجدد في إطار التعليم والثقافة والعقيدة والتراث والعلوم، في عناية واهتمام بالفن المعاصر، وتوضيح دور العاملين والمسؤولين في قطاعات الفنون على إحداث التأثير في الواقع الفني، وهو ما يعد قائد ومحرك للفنون في المنطقة ويساهم في تشكيل هوية فنية بما يطرح من مواضيع وعناوين في البينالي أو في البرامج المصاحبة له فاستمرار البينالي وتطوره ضرورة ملحة للمشهد الثقافي والتشكيلي بالمنطقة وهو مناسبة ينتظرها المهتمون بجميع أطيافهم.

الفنانة التشكيلية نجلا السليم تراقب تحرك بينالي الشارقة عن كثب وتحرص على زيارته باستمرار تقول إن بينالي وبالجهود الكبيرة للشيخة الفتاة حور القاسمي حقق الكثير من النجاح وجذب المبدعين على مستوى العالم مما أثرى الإعلام المتخصص في هذا المجال أن ينقل هذا الحدث عالميا.

الفنان نهار مرزوق مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في جدة علق قائلاً: إن ما يراه الزائر لبينالي الشارقة يجد أن لدى القيم على البينالي توجهاً نحو ثقافة شرق أوسطية.. دون أن يكون البينالي نقطة لقاء جوهري بين فنوننا كخليجيين وعرب وفنون العالم.

وكان من الممكن أيضا أن يعطي البينالي نظرة للزائر تقود إلى جوهر التحولات التي تشهدها الفنون البصرية في العالم العربي.