25-10-2014

الصكوك العملاقة المزورة..!!

سوف ينشغل الرأي العام بقصة الصكوك المزورة التي تم الكشف عنها والتي ستتوالى تفاصيل الملابسات المتعلقة بها. آخر حكايات الصكوك المزورة هي الصك العملاق لأرض تبلغ مساحتها 75 مليون متر مربع جنوب مدينة جدة والذي بينت دراسة لمحكمة الاستئناف أنه قد تم استخراجه بطرق غير نظامية، وقد تفرَّعَ من ذلك الصك الباطل عشرات الصكوك الأخرى!!

وحسب بعض المصادر الصحفية فإن أحد المتورطين في إصدار هذه الصكوك الباطلة هو قاض سابق يعمل حالياً في المحاماة، وهذه فضيحة مجلجلة إن كان ما نشرته الصحف دقيقاً. أما الفضيحة الأخرى فهي ان بعض الأجهزة الحكومية اضطرت لشراء او استئجار بعض الأراضي ذات الصكوك المعطوبة ودفعت مبالغ باهظة لأصحاب تلك الأراضي! بل إن وزارة النقل اضطرت لدفع بدل إيجار لـ»صاحب الأرض» مقابل مرور جسر حيوي فوق «أرضه»!

مثل هذه القصة حدثت في جدة أيضا من قبل، ويومها كانت مساحة الأرض أكبر! وهناك أراض أخرى تقدر مساحاتها بمئات الملايين من الأمتار المربعة تم إصدار صكوك لها بنفس الطريقة المعطوبة المثقوبة الفاسدة في الرياض وغيرها! ومعلوم أن هذه المؤامرات الدنيئة ضد الصالح العام والمال العام لم تكن لتتم لولا تواطؤ أشخاص يعملون في المحاكم وفي كتابات العدل مع المزورين، ومعلوم أيضا أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا ليقبلوا القيام بهذه الأدوار لولا أنهم كانوا مستفيدين من تنفيذها.

هذه حكايات مخزية، بلا شك. لكن الجدل الذي بدأ الآن يخرج إلى العلن هو ما أشارت إليه جريدة «الجزيرة» في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي وهو لا يتعلق بأراضي جدة وإنما بأراض أخرى تبلغ مساحتها 500 مليون متر مربع بقيمة 400 مليار ريال ألغت محكمة الاستئناف بالرياض صكوكها المخالفة. فالغرفة التجارية الصناعية بالرياض بدأت تتحرك قضائياً لحماية أصحاب الأراضي الموثقة بمبايعات رسمية بصرف النظر عن قانونية الصكوك التي قد تكون في أصلها مزورة أو مخالفة وذلك بحجة أنه لا ذنب لمن اشتراها، وخاصة أن بعضها أقيم عليها مصانع ومنشآت تجارية بملايين الريالات.

موقف وزارة العدل الحاسم والجازم يبعث الطمأنينة في النفس بأن لا أحد فوق النظام، أو هكذا يجب. وكل من وقع ضحية الخداع يمكنه الاقتصاص ممن خدعه بالطرق القانونية وليس بدفع المجتمع إلى قبول الأمر الواقع حتى لوكان على حساب المصلحة العامة أوكان يؤسس لترسيخ تقليد وعُرف يؤدي إلى قبول أوضاع خاطئة لمجرد أنها أصبحت أمراً واقعاً، فالقاعدة الفقهية المعروفة تقول أن ما بُني على باطل فهو باطل. المعارك القضائية التي ستخوضها الأطراف ذات العلاقة يجب ألا تكون على حساب الصالح العام، ومادام أن وزارة العدل والمحاكم صار لديها الجرأة أن تخرج إلى العلن وتتحدث عن قضايا خطيرة كتزوير صكوك لأراض تصل قيمتها مئات المليارات من الريالات فإن المأمول هو أن تمضي قدماً في الطريق الصحيح الذي اختارته حتى منتهاه حفاظاً على الصالح العام وتجذيراً لنزاهة يتطلع إليها المجتمع.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب