26-10-2014

الغائب الأكبر في الحرب على الإرهاب !

أصبح النعت بمصطلح «الإرهاب» من أسلحة العصر الحديث، يستخدمها الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ لصالح تنفيذ إستراتيجية الفوضى الخلاَّقة في المنطقة، والذي قد أصبح ضرورة - بحسب الرؤية الإستراتيجية الأمريكية -، إذ اعتبرت «كوندليزا رايز»، أنّه لم يعد من الممكن الحفاظ على سياسة الأمر الواقع، التي اعتمدتها الولايات المتحدة في المنطقة لنصف قرن، تحت شعار الحفاظ على الاستقرار، بل لا بد من الانتقال إلى فكرة «تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ»، وهو ما يُسمى بتطبيق المرحلة الثانية من مخطط «سايكس بيكو»، والذي يهدّد الأمن القومي لدول المشرق العربي تحديداً، والقضاء على وحدة نسيجها الاجتماعي. الأمر الذي يجعلنا نؤكّد على أن كل الصراعات الداخلية في العالم العربي، كان البعد الإقليمي، والدولي حاضراً فيها؛ لتعمل على تعزيزه، والاستفادة بما يخدم مصالحها.

ولأن منطقة الشرق الأوسط تمر بمتغيّرات دراماتيكية - في الفترة الأخيرة-، فإن معالجة الأبعاد الإستراتيجية لظاهرة الإرهاب، تقتضي القضاء على النزاعات، والصراعات الإقليمية، وإلا فغياب الهيكلة التنظيمية، وانعدام الرؤية الإستراتيجية، وضبابية الأهداف، جعلت من فكرة الحرب على الإرهاب، تتحرك في مكان، وزمان، لا يخدمان سوى المنظمات الإرهابية، كونه مخترقاً من دول إقليمية، ودولية؛ من أجل العمل على ظهور جماعات متطرفة، - وبالتالي - تحقيق مخططات التقسيم في دول المنطقة، والهيمنة على مقدرات العالم العربي.

في ضوء هذه المعاني، والدلالات، فإن التقارير تشير إلى أن قرار السعودية، والإمارات، المشاركة في الضربات الجوية، سيعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط،، - خصوصاً - مع انشغال دول عربية أخرى بحروب أهلية، أو باضطرابات سياسية داخلية، وأن المعادلة السياسية في المنطقة، ستتغيّر بظهور المملكة، والإمارات، كقوتين عسكريتين ضد الحرب على الإرهاب. مع ضرورة ملاحظة، أن الحل العسكري وحده لن يكفل القضاء على الإرهاب، بل إن الأمر يتطلب مواجهة الإطار الفكري المتطرف، والمحرك لتلك الجماعات الإرهابية؛ لقطع الطريق أمام تحقيق الأهداف الإقليمية، والدولية فيها، ومن ثم العمل على تقاطع مخططات الغرب مع رغبة إيران؛ لإجهاض فكرة الهيمنة على المنطقة العربية.

بقي القول: إن الفكر المتطرف ظاهرة أصيلة، بل وقديمة قدم المجتمعات الإنسانية، هذا أمر متفق عليه، إلا أن الواقع المضطرب الذي تتعرض له منطقة الشرق الأوسط، يقضي مزيداً من الجهد نحو إيقاف تأجيج الصراعات الإثنية، والعرقية، والطائفية؛ لتحقيق مصالح أوطانها العربية.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب