26-10-2014

جهودنا المتواضعة في مجال البيئة

تشكّل الغابات في كندا مساحة تعادل مساحة فرنسا ثماني مرات، ويتحمل فيها المواطن فرز (الزبالة) اليومية لمنزله إلى ما لا يقل عن أربعة أصناف (ورق، بلاستيك، نبات، زبالة أخرى). ولا يمكن تنفيذ أي مشروع دون دراسات بيئية صارمة، وأحياناً معارضة كبرى لها علاقة بالبيئة كما يحدث لمشروع خط البترول المزمع تنفيذه غرب كندا.

هذه المقدمة تقول إن كندا تحتل القمة في مجال البيئة، وأهلها راضون بذلك، لكن من يستمع إلى ديفد سوزكي، أحد أبرز الناشطين الكنديين والعالميين في هذا الشأن، يذهل لحماسه ومؤيديه في موضوع البيئة، ومحاولاتهم في تحسين وضع البيئة في كندا، وإصرارهم على المطالبة بسن قانون جديد ضمن الدستور الكندي، ينص على «الحق في العيش في بيئة صحية». هذا القانون تخشاه الحكومة، ويقاومه البعض؛ لأنه سيفتح باب دعاوى قانونية كبرى ضد الحكومة. على سبيل المثال، استطاعت مجموعة من السكان في الأرجنتين رفع دعوى بسبب قانون مماثل لذلك ضد الحكومة والجهات الصناعية، كلف الحكومة والشركات مبالغ تفوق المليار دولار لأجل تنظيف أحد الأنهار من المخلفات الصناعية، وتحويله إلى بيئة سليمة تتفق مع قانون الحق في العيش في بيئة صحية.

في البرازيل اضطرت شركة شيفرون لدفع تعويضات تتجاوز مائتي مليون دولار بسبب تسرب البترول في أحد الشواطئ، بفضل قوانين البيئة الصارمة، ووجود جماعات الضغط المدنية الناشطة في هذا الشأن. وفي النرويج تشكل ضريبة الكربون العالية - رغم أن النرويج دولة منتجة للبترول، ويتوقع محاربتها لهذه الضريبة - أحد مصادر دخل الصندوق السيادي للنرويج المعروف بتميزه على المستوى العالمي؛ إذ نما حتى وصلت موجوداته إلى 700 مليار خلال سنوات بسيطة.

وهكذا، عندما نستعرض ما يحدث عالمياً في مجال البيئة نجد أن الكل يتحرك في هذا الشأن. وفي الغالب بجهود تقودها جماعات ضغط ومؤسسات مجتمع مدنية، تبذل جهوداً كثيرة يتجاوب، معها السكان والناخبون؛ وبالتالي المشرعون والمنتخبون. سأكتفي عن المزيد من المعلومات العالمية، وهي كثيرة، لأصل للسؤال أو الأسئلة المهمة: ما هو وضعنا في المملكة في مجال البيئة؟ ما هي الجهود المبذولة محلياً في مجال البيئة؟ ماذا تفعل هيئة البيئة والأرصاد؟ ما معنى أن نشارك في الاجتماعات الدولية وننضم إلى الاتفاقيات الدولية في مجال البيئة، دون أن نتعلم من الدول الأخرى، ودون أن نطور قوانين بيئية أكثر صرامة ووضوحاً في مجال البيئة؟

أعني البيئة البرية والبحرية والهواء والماء، ولا ألمس أية جهود تستحق الذكر، ويلحظها المواطن، ويهتم بها قطاع الأعمال والقطاع الحكومي في الحفاظ على تلك البيئة بمكوناتها كافة. لم أسمع أن هناك تقارير بيئية حول السدود، حول الغابات، حول الشواطئ، حول الملوثات الجوية بالمدن، حول النفايات المنزلية والصناعية، الصلبة وغير الصلبة، حول الصرف الصحي، حول الكائنات البحرية والبرية.. والسبب وراء ذلك واضح وبسيط، هو أن لا أحد يسأل، وليست لدينا ثقافة الحفاظ على البيئة وصيانتها للأجيال الحاضرة والقادمة. وسنشير للقادمة، ولن نحددها بالأجيال السبعة القادمة كما يفعل السكان الأصليون بكندا. لا مجلس شورى مهتم، ولا جمعيات أو مؤسسات مدنية متخصصة في البيئة.

لست آمل الكثير في هذا الشأن من هيئة البيئة الحكومية، وأطالب بتكوين مؤسسة أهلية ناشطة في الحفاظ على البيئة، أسوة بما يحدث في العالم. أطالب مجلس الشورى بأن يدعم هذا التوجه؛ فالحفاظ على البيئة ليس مسألة ترف بل هو حق من حقوق الأجيال القادمة علينا، ومن حقوق المواطنة تهيئة العيش في بيئة صحية وآمنة من المخاطر البيئية.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب