26-10-2014

الكاريكاتير ضد العزل الحراري

نشر الزميل الفنان محمد المرزوق، رسّام الكاريكاتير بجريدة الجزيرة، رسماً كاريكاتيرياً خاطئاً، حتى ولو كان يعبِّر عن وجهة نظره الشخصية عن تأثير العزل الحراري على الواقع العقاري؛ وذلك لعدم سعيه للبحث عن المعلومات الدقيقة عن فوائد العزل الحراري، سواء للمواطن أو للدولة والوطن بشكل عام.

فقد نشر رسماً كاريكاتيرياً يوم الخميس الماضي، يحتوي على رجلين، أحدهما يمثل صاحب شركة عقارية، والآخر يمثل مواطناً؛ إذ يخاطب المواطن صاحب الشركة قائلاً: «وشذا؟ جايب لي فيلا ما فيها عزل حراري وبمليون؟». ويجيبه صاحب الشركة العقارية بالقول: «احمد ربك! لو فيها عزل كان انحشت من سعرها!». وفي هذه الفكرة الكاريكاتيرية خطأ فادح، يسعى إلى هدم جهد برنامج تعمل فيه ما يقارب ثلاثين فرقة مختصة في ترشيد الطاقة، بل يعبِّر هذا الكاريكاتير عن وعي سطحي لأهمية مشروع وطني كبير، يعمل على ترشيد الطاقة، عبر برنامج مهم بمسمى البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، يحتوي على العديد من البرامج المتنوعة التي تهدف إلى تقليل هدر الطاقة، والحد من الاستهلاك المتزايد للطاقة في المملكة، ويشرف عليه فرق فنية مختصّة، تضم نحو 120 مهندساً وفنياً مختصاً من مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة!

ليس صحيحاً ما نقله رسّام الكاريكاتير على لسان العقاريين، من أن تكلفة العزل الحراري تجعل أسعار الفلل تقفز إلى أرقام فلكية، يتحملها المواطن عند الشراء، وغاب عنه أن تكلفة العزل الحراري في المباني لا تتجاوز 3 إلى 5 % فقط من تكلفة المبنى، بمعنى إذا كانت تكلفة الفيلا مليون ريال، كما في الكاريكاتير، فإن تكلفة العزل الحراري لهذه الفيلا لا تتجاوز ثلاثين إلى خمسين ألف ريال فقط. علماً بأن الوفر الذي يحققه المستفيد في فاتورة الكهرباء يعادل أضعاف هذا التكلفة التأسيسية المتواضعة خلال سنوات قليلة!

وقد يختلف فنان الكاريكاتير عن كاتب العمود اليومي؛ لما يحظى به الأول من عدد قراء، ومتابعة وتداول، عما يحظى به الكاتب، لسهولة وصول الصورة البصرية والرسم التعبيري للمتلقي، كما في فن الكاريكاتير. ونتيجة عدم وعي الفنان فقد تأتي هذه الرسوم بنتائج مضادة للعمل المنظَّم الذي يقوم به البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، خاصة فيما يتعلق بالحملات الإعلانية التوعوية المكثفة، سواء عبر المعارض المنظمة في مختلف المدن، أو عبر الحملات الإعلانية المرئية والمسموعة، التي يصرف عليها المال والوقت والجهد، بهدف توعية المجتمع وتنويره في ترشيد استهلاك الطاقة!

كم تمنيت أن يجتهد الفنان المرزوق قليلاً، ويقوم بالبحث عن هذا الموضوع تحديداً؛ لأنه يخص مستقبل الوطن ومقدراته، ويقرأ فيه لدقائق عدة؛ حتى يدرك هذا الجهد المبذول في وضع مواصفات مواد العزل الحراري، وإلزام أصحاب المباني والإنشاءات الجديدة باستخدام هذه المواد، وكذلك ما قام به البرنامج من وضع مواصفات لأجهزة التكييف، سعياً إلى وقف الهدر في الطاقة!

أتمنى ألا يتحول الكاريكاتير إلى أداة تحريض على التهرب من تنفيذ العزل في المباني؛ وبالتالي يصبح عاملاً مؤثراً في هدر المزيد من الطاقة، وأن يمارس دوره التقليدي المعروف، وكما هي رسالته في العالم أجمع، أداة تنوير وتثقيف للمجتمع.

مقالات أخرى للكاتب