عبود.. والخاتمة الحسنة

في فجر يوم الأحد الموافق 25-12-1435هـ وبعد أن أخذ مكانه كعادته في روضة المسجد وأداء السنة الراتبة وأخذ مصحفه ليقرأ قرآن الفجر حتى فاجأه يومه الموعود، وأسلمت روحه الطاهرة إلى بارئها، ذلك هو المصلى المسمى الكاف العاف الجار أبا هزاع عبدالله بن ماجد العضيب عن عمر يناهز الثمانين، قضاها في مدينته روضة سدير، لم يؤذ فيها أحدا أو يشتكي منه أحد، نظيف في هندامه عزيزة نفسه، عرفناه ونحن صغار في حزم روضة سدير المشهور بدكانه الذي يمتاز برفوفه الجميلة المصفوفة بشكل بديع من صناديق الحليب الخشبية التي تعتبر في هاك الزمان من الروعة والإبداع بمكان، وبعْد أن تركنا الديرة القديمة جاورنا في حي السبعين من حوالي أربعين سنة، فكان نعم الجار يحافظ علي حقوق الجيرة، فلم نر منه إلا كل خير، وكان يشد محدثه بصوته الهادي ونبراته المميزة كان شديد الاهتمام بهندامه ونظافته لا تراه إلا في أحسن وأنظف ملبس، ورغم وفاة زوجته رحمها الله من سنين عديدة إلا أنه ظل وفياً لها ولم يتزوج بعد رحيلها، وبقي ملازماً لأولاده وبناته يرعاهم ويقوم على مصالحهم ورغم ما أصابه في آخر حياته من أمراض إلا أنه دائم الشكر والحمد لله ومحافظ على الصلوات في المسجد، وتراه يتحامل على نفسه بالذهاب للمسجد إذا تأخر عليه السائق، وهو يدب دبيباً.

أمَّا تعامله مع الناس فحدث ولا حرج، وعندما فتح له محلا لبيع التمور في حي السبعين تجد أغلب المزارعين يضعون عنده إنتاجهم لبيعها نظراً لأمانته وإخلاصه، كما تجد محله مزدحماً بكبار السن للجلوس معه نظراً لمحبتهم له ورغم ضيق اليد إلا أنه كريم ولم يبخل على نفسه أو أهل بيته بأي شيء، تعلق قلبه بالمسجد فكرسيه ومصحفه معروف، ومن أحب شيئاً أحبه، فقبضت روحه في المسجد، وهذي بشارة خير، وقد صلى عليه خلق كثير وتبعوا جنازته ولم أسمع إلا الثناء عليه والدعاء له وهذه السيرة المحمودة والخاتمة الحسنة كل يتمناها.

اللهم يمن كتابه وهون حسابه ولين ترابه وألهمه حسن جوابه وطيب ثراه وأكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه.

اللهم إن عبدك أبا هزاع قدم إليك فأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج ونقِّه من الذنوب والخطايا، كما تنقي الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات غفرانا، اللهم ألهم أهله وذويه وجيرانه الصبر والسلوان وخفف عنهم آلام الحزن والفراق واجعل الجنة ملتقاهم يا أرحم الراحمين..والعزاء لابنه هزاع وإخوانه: أحمد ووليد وماجد ولبناته وأحفاده ولأسرة العضيب والسعيدان ومحبيه الكثر الذين سيفقدونه كما سيفقده مسجده وكرسيه ومصحفه، ولكن القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب.. إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذي سنة الحياة، والحمد لله أولاً وآخراً.

- عبدالرحمن بن محمد السلمان