27-10-2014

بعض مظاهر التسيّب الوظيفي: لماذا؟!

* هل يُمكن أن يلجأ موظف ما لا يرضيه حالٌ ولا مالٌ، ولكن لأسباب أخرى قد لا يكون لها علاقة مباشرة ببيئته الوظيفية - هل يمكن أن يلجأ إلى ممارسة شيء من التمرّد على نفسه وعلى بيئة العمل، إمّا رغبة فـي التنفيس عمَّا به، أو انتقاماً ممن يزعم لا شعورياً أنه السببُ عمّا حل به من (علل) نفسية جعلته (يدير ظهره) إلى هيبة العقل، وشفافية الخلق، وناموس الوظيفة التي يشغلها، ليمارس ضروباً من سلوكيات (الهرب) من لوازم الوظيفة، ولاءً لها والتزاماً؟!

* * *

* ذلك سؤال بالغ التعقيد، لأنه يقوم على (فرضيات) لا يستطيع عاقل أن يسلم بها دون تحرٍّ ميداني، يفك الاشتباك في مضمونها بين الحقيقة والخرافة والخيال!

* * *

* هنا، أستأذن القارئ الكريم فأطرح عدداً من المؤشَّرات الافتراضية تُجسِّد حالة من ((الهجمة المضادة)) التي قد (يشنُّها) أحياناً الموظفُ تعبيراً عن غياب الرضا عن نفسه أو الغضب على من حوله إيعازاً من الظن غير السوي بالآخرين بسبب ما يُلصق به ظناً منه أو خيالاً من تُهم وما يُوصم به من أوصاف، وغير ذلك مما يثير دوافع الأوجاع النفسية في وجدانه، فيعمد إرادياً أو لا إرادياً إلى منظومة من الحيل الشعورية واللا شعورية مقاومةً لشعور (إقصائه) من منظومته الوظيفية ومكوناتها!

* * *

* هاكم أمثلةً لما سلف:

) الحضوُر المتأخَّرُ صباحاً أو الانصرافُ المبكَّر بعد الظهر عَمْداً ودون عُذْرٍ مشروعٍ مؤشَّرٌ مهم لحراك المقاومة المشار إليها.

* والعَبَثُ بالوقت المخصَّصِ للعمل بإنْفَاقِه فـي أغراضٍ لا صلةَ لها بفرُوض العمل ونوافلِه, بدْءاً بالزيارات المتكررة للزملاء، ومـا يتَخلّلُـها من أحاديث لا تنقطع في الخروج على (نص الواجب)، مرُوراً بثَرثَرة الهاتف إمّا مع ربة البيت أو مع صديق وربما مع سمسار في سوق الأسهم، إن كان صاحبُنا مِمّن يعبأُ بالأسهم ربحاً وخسارة، وربما انتهى به تبلُّد الإحساس إلى حالات من الاسترخاء قد تبلغُ أحياناً شَفَا النوم!

* * *

* من جانب آخر، تشترك بيئةُ الإدارةِ نفسِها أحياناً في تراجُع معَاييرِ الأداءِ السوي لدى الموظف، ومن ثم التقصير! ويُلمَسُ ذلك عَبْر الآتي :

1) حَجْبُ أو تحْجِيمُ أو تسْفيهُ المبادراتِ الشخصية (المفيدة) التي قد يَطرحُها الموظفُ المجتهد لمصلحة العمل، يقابل ذلك الإصرار على الالتزام بـ (هيمنة الروتين) اليومي، وعدمُ تطويرِ الإجْراءاتِ أو تذْليلها أو إلغَائِها إذا استدعت المصلحةُ ذلك، تمسكاً بما سنَّه (السلف الإداري) الصالح أو الطالح اجتهاداً!.. وتلك أمور قد تحرِّضُ الموظفَ على التقصير وتدعوه إليه، أمام ما يعتقد أنه يُواجه تهميشاً له عمداً أو تجاهلاً!

* * *

2) غيابُ العَدْلِ في توزيع واجبَاتِ العمل وأعبَائِه وما قد يسْتسَصْحبُه ذلك من حوافز، فهذا موظف مُحَمَّل بالأثْقَالِ باسم الثقة، يقَابلُه آخرُ لا عِبْءَ عليه ولا وزن له، ولا ثِقَةَ فيه، ورغم ذلك (يستوي) الاثنان ويتَساويان فـي الأجر بل وفي حوافز الثواب أحياناً!

* * *

وبعد,

* فإنني لا أبرَّئُ أحداً.. ولا اعتَذرُ لأحدٍ، ولا أدافع عن أحد، فالموظفُ والإدارةُ شريكان فـي الأداء والسبب والنتيجة إيجاباً أو سلباً.. فـي كثير من المواقف، ولا يتعارض ذلك أو يلغي السبب أو الأسباب التي يتحمّل الموظفُ وحدُه منها وزرَ التقصير!.. مؤكَّداً في الختام أن ما يطرحه هذا الحديث اجتهاداً من أفكار ورؤى واستنباطات متفرقة يستحق اهتمام المهتمين بشئون الإدارة من أكاديميين وإداريين فـي بلادنا بحثاً عن معادلات عادلة وممكنة للحلول الناجحة، وأرجو الله أن يكون في عون الموظف والإدارة معاً كي يكون أحدُهما نصيراً للآخر لا خصماً!

مقالات أخرى للكاتب