28-10-2014

هل نحن في حاجة إلى قراءة التاريخ

بعد مقالتي - إيران ..والتدخل في شؤون الآخرين - كان هناك الكثير من المناقشات مع بعض الأصدقاء والمهتمين بالتاريخ والسياسة، وقد وجدت منهم تأييداً كبيراً لهذا الطرح، في هذا الوقت تحديداً، من هؤلاء الذين أعتز كثيراً برأيه فيما أكتب صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، هذا الرجل الباحث المتخصص، الذي أستفيد منه كثيراً، خاصة في كل ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية ،بل بالدولة السعودية عبر أطوارها الثلاثة، الدولة السعودية الأولى والثانية، والحديثة، فهو كثيراً ما يفيدني وينبهني لقضايا نحن في حاجة إلى إبرازها لهذا الجيل، لكونها تُعنى بتاريخ مهم لهذه البلاد.

ولعل في كتاب سموه - رسائل أئمة الدعوة - الذي جمع فيه كثيراً من رسائل أئمة الدعوة من آل سعود ما يفيد القارئ ليعرف كيف كانت بدايات هذه الدولة وهذه الأسرة مع الدعوة إلى الله, وكيف كانت علاقاتهم مع أسر وقبائل هذا الوطن.

لنقرأ التاريخ بكل تؤدة ..لنقرأ التاريخ لنعلم من هم أعداء هذه الدعوة وهذه الدولة وهذا الوطن, لنقرأ التاريخ ونستلهم منه العبر.

هم فقط الذين يغطون في سُبات عميق من الجهل والتخلف الذين لا يولون التاريخ جل اهتمامهم, هم فقط هؤلاء الذين لا يرون في العداء المذهبي أي جذور تاريخية, ولا يلمسون أي غصون ممتدة تظل بضلالاتها أقواما يؤمنون إيمانا راسخا بالطائفية ويسقونها أطفالهم منذ ولادتهم, وإن أظهروا محبة وأبدوا مقتاً لذلك التاريخ.

آمنت منذ نشأتي بأهمية قراءة التاريخ, وما زلت مؤمناً بأن من لا يقرأ التاريخ لا يصلح للسياسة ولا للقيادة, وأن أجهل الجهلاء هو ذلك الرجل الذي لا يعرف من الأشياء إلا أسماءها.

من التاريخ المهم الذي يجب أن نقرأه ونُقرئه جيل اليوم, تاريخ محاربة ضلال الأمة لهذه الدعوة وهذه العقيدة الصافية, عقيدة أهل السنة والجماعة, فمن المعروف لدى الجميع أن الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مؤسس هذه الدولة كان الجندي الأول في معركة محاربة البدع والشرك الذي كان منتشراً في جزيرة العرب, فقد استجاب لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وبدأ في حملات دعوة وإصلاح ليس لها أي أطماع سياسية وإنما دعوية خالصة لله سبحانه وتعالى, فكان له ما أراد وعاد الناس إلى صفاء العقيدة وسلامة المنهج.

ما حدث من عودة الناس إلى العقيدة الصحيحة بلا شك أقلق أصحاب المذاهب الباطلة, لكونه يقوض سلطانهم, ويبين عورهم, ولذا كانت الدعوات المضادة التي لم تقتصر على الجزيرة العربية فحسب, بل عمت الكثير من أنحاء العالم العربي حتى بلغت الهند, فكانت مهمة دولة آل سعود, مهمة دعوية في أساسها, وما زالت بحمد الله تؤمن بأن قوتها الحقيقية, قوة صفاء العقيدة ..قوة تحكيم الشريعة السمحة.

حاربوا الباطل والشرك فكان من نتائج ذلك استشهاد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود - رحمه الله - في شهر رجب من عام 1218 للهجرة وهو ساجد في صلاة العصر, وقد قام بهذه الجريمة رجل رافضي كان يدعي أن اسمه عثمان قدم من كربلاء العراق, ليعيد التاريخ نفسه, يوم قتل ذلك المجوسي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو ساجد في صلاة الفجر, الفئة المعتدية هي هي في مقتل عمر رضي الله عنه , وفي مقتل الإمام عبد العزيز - رحمه الله -

مجوس تحارب الإسلام وأهله, وتحارب كل دعوة لصفاء العقيدة, وعبادة الله وحده دون سواه, في عهد عمر كان الهدف الدين وفي عهد الإمام كان الهدف الدين, لم تكن أهداف سياسية أبداً, كان الهدف فساد العقيدة ومن خلالها تتحقق كل الأطماع الأخرى, لذا حُوربت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحُوربت الدولة السعودية الأولى والثانية, وقُتل من قُتل من رجالها وأئمتها, لكنها ولعظم رسالتها بقيت, وكل كبوة تزيدها قوة وعزا.

نحن في المملكة العربية السعودية لسنا مقسمين بين أحزاب وطوائف, فكل الشعب السعودي حزب واحد, ولا تفرقة بين مواطن وآخر, والمعاملة سواسية بين أهل السنة الذين هم غالبية الشعب, وبين الشيعة الذين هم قلة قليلة, وما عرفنا هذه الأصوات الشيعية النشاز إلا بعد أن صار ولاء بعض المعممين للدولة الصفوية في إيران, فغرروا ببعض جهلة الشيعة ونفخوا فيهم وأوردوهم المهالك, عقلاء الشيعة يمقتون هذه الأعمال, ويدينون بالولاء التام لقيادة هذه البلاد ولا يقبلون بهم بديلا, لكن القلة القليلة المأجورة هي من منح الإعلام الأجنبي الفرصة في أن يقول ما يقول عن وجود طائفية في المملكة,كذباً وافتراء.

نحن في المملكة يد واحدة مع القيادة, وصف واحد ضد كل من يريد ببلادنا وأمننا وقيادتنا سوءا, مهما كان دون النظر إلى مذهبه او قبيلته و منطقته.

أختم بدعوة صادقة لقراءة التاريخ ليس للتسلية والتثقيف, وإنما للاستفادة من شواهده التي تحمل الكثير من الدروس والعبر.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب