28-10-2014

(عندما تصمت الرياض)

سبتٌ لا يشابه أي سبت، وموقعة حديد ونار لاستخراج ذهبٍ ترتفع به أعناق من هو كفؤ له. كلما اقترب الموعد ازدادت الرياض صمتاً وترقباً. لا شيء يُسمع سوى نبضات قلوبٍ أعياها الانتظار وبُعْد اللقاء.. نبضات تصمُّ الآذان، لا تتبين من همهمتها سوى عبارة واحدة: (آن لها أن تخضع لسطوة زعيمها).

ذهب الهلال لسيدني حاملاً قلوب عشاقه ودعوات من لم تتلوث قلوبهم بسعير الكراهية.

فعل كل شيء على أراضي أستراليا، ولم ينجز شيئاً.

أرادها متعة ووجهاً مشرقاً لبلاده وفريقه، فكان له ما أراد.

أراد أن يكلل تلك السيمفونية الرائعة بمسك ختام، لكنه استكثر على نفسه شيئاً من الكمال.

فبعد التسليم بما قسمه رب العباد فلنراجع ما فعله هؤلاء العباد.

ريجي تأخر في تغيير اتفق عليه أصغر من استيقظ باكراً في السبت الماضي!

الزوري أنجز كل شيء، واختار من بين اختيارين فقط خياراً ثالثاً لا يمت للمنطق بصلة!

سالم أبهر الجميع، وعندما حانت لحظة انطلاق الفرح قرر أن زوايا المرمى ليست مهمة بقدر تسديد الكرة في وجه الأسترالي العملاق!

نيفيز اللاعب الأغلى والأهم اختفى كعادته، واكتفى بتوزيع كرات لا تسمن ولا تغني عن (هز شبك)!

لم يكن الحظ خصماً للهلال يومها، بل كان مشرّعاً ذراعيه ليرتمي بينهما، لكن الهلال - بعد إرادة الله - كان له رأي آخر.

كرة القدم تكمن في التفاصيل، وتتنفس دقائق الأمور، وتقتات على اللحظات.. وخير دليل تلك الغفوة، التي صفعت منطق اللقاء في وجهه بهدف أحمر.

في الرياض حكاية أخرى..

في الدرة تفاصيل لم تُروَ بعد..

في قلب الصحراء يكون الهلال أو لا يكون.

لا مجال للتفريط أو للهفوات.. لا مجال للمناداة بالطبطبة على أكتاف اللاعبين خوفاً على مشاعرهم من رهبة كاذبة أو ضغط يتعذرون به.

فهم الآن على مشارف مجدٍ جديد، في نهائي أكبر قارات الدنيا. فليستوعبوا ذلك جيداً.

فرهبة الموقف يجب أن توازي مقدار فرحة المنجز لا أقل. والضغط النفسي أو الجماهيري يجب أن يكون وقوداً لا قيوداً.

هي تسعون دقيقة فقط، ما بين خلود في صفحات التاريخ أو سقوط مدوٍّ لحلم لم يفارق خيالات المحبين.

فالكأس ما بين زرق القلوب وزرق الأعين، ووحدكم أنتم يا نجوم الزعيم القادرون - بعد مشيئة الله - على أن تعيدوا تلك القلوب إلى مواضعها راضية مدندنة بكلمات فارس: (يا بعدهم يالهلال).

نعي تماماً أنكم قادرون على رسم ابتسامة سعودية، ونقش فرحة هلالية، وتأكيد زعامة آسيوية.. فالثقة بالله ثم بكبير القوم لا يمكن أن تتجزأ مهما حدث.

ولكن السؤال الصعب يقف أمامكم بكل شموخ: هل أنتم فاعلون؟؟؟

خاتمة

من لم يقم في طلاب المجد.. لم ينم في ظلال الشرف

Twitter: @ghassan_alwan

مقالات أخرى للكاتب