01-11-2014

تعلومهم - شكراً عزام الدخيل

«على مدى سنوات احتلت التربية والتعليم الحيز الأكبر من فكري واهتماماتي ومطالعاتي، فكتبت عن التعليم الكثير من مدوناتي، لا سيما عن التعليم في دول العالم المتقدِّمة وإصلاحاته ومبادراته وتطبيقاته الناجحة؛ لمعرفتي بأهمية التعليم في تطور تلك البلاد وتقدمها وتحضرها.

وقد طلب مني بعض الأصدقاء أن أجمع ما كتبته عن التعليم من أفكار ومعلومات وفوائد نثرتها على صفحات التواصل الاجتماعي وعبر موقعي الشخصي ومدوناتي؛ لتكون مرجعاً مجموعاً في كتاب، يسهل على الراغبين والمهتمين الوصول إليه والاستفادة منه، فيعم خيره وتنتشر فائدته، لا سيما لدى القراء الأعزاء الذين عزفوا عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي أو الذين ما زال الكتاب مصدرهم الأول وربما الأوحد لتلقي المعرفة. ونزولاً عند هذه الرغبة أقدِّم للقراء الأعزاء كتابي «تعلومهم» عن ملامح التعليم في الدول العشر الأوائل في العالم في مجال التعليم وذلك عبر تعليمهم الأساسي...».

أعرف تماماً أن الحديث عن التعليم وقضاياه لا يمكن أن ينتهي، كما أؤمن بأنه يجب أن يستمر، لأن التعليم يهم كل فرد من أفراد المجتمع. وما سبق هو جزء من مقدمة المؤلف د. عزام بن محمد الدخيل لكتابه «تعلومهم: نظرة في تعليم الدول العشر الأوائل في مجال التعليم عبر تعليمهم الأساسي». وللمعلومية أيها القارئ العزيز فإن المؤلف ليس متخصصاً في المناهج أو التعليم؛ حيث إنه متخصص في الهندسة المعمارية، لكنه يحمل هماً تربوياً تعليمياً جعل منه يسجِّل ويكتب وينتج عن التعليم؛ وذلك إدراكاً منه بأنه الاستثمار الأمثل لتغذية العقول وبناء الرجال وإكساب المهارات في شتى المجالات.

إن مثل هذا الكتاب بما يحتويه من معلومات قيمة عن تقدم تلك الدول في تعليمها، يجعلنا جميعاً أمام تحديات كبيرة تتطلب جهوداً جبارة في سبيل النهوض بتعليمنا.

كما أنه - من وجهة نظري- قد حان الوقت للاستفادة من الخبرات غير المتخصصة بالشأن التربوي ولكنها مهتمة ونشيطة في هذا الجانب؛ حيث يمكن الاستفادة منهم في تقديم الكثير من الرؤى والأفكار وعمل الدراسات والخطط المستقبلية جنباً إلى جنب مع التربويين المتخصصين. إن النهوض بالتعليم ليس أمراً مستحيلاً، لكنه يحتاج لعزيمة جادة ورجال مخلصين.

ولقد طرحت - في سنوات ماضية- سؤالاً ما زلت أظنه قائماً وهو: لماذا وصل الحال ببعض المشتغلين بهموم التعليم إلى هذا الحد من اليأس وعدم التفاؤل؟ ولماذا الاستمرار في تخريج آلاف الشباب والشابات في التخصصات العامة؟ وما زال الجواب هو نفسه؛ إذ لا بد أن يتم تحديد التخصصات من خلال مراكز متخصصة تعتمد على دراسات ميدانية واقعية لمتطلبات سوق العمل وفق أرقام وإحصاءات دقيقة بعيداً عن الأوهام والتقديرات العشوائية. إن مهمة التعليم تتمثَّل في تأهيل الطلاب والطالبات ومنحهم القدرة لاكتشاف طاقاتهم وقدراتهم؛ سعياً لاختيار المجال الذي يناسبهم تعلماً ووظيفة؛ وبالتالي فإن مدارس التعليم العام والجامعات يجب أن تساهم في إقناع الطلاب والطالبات لقبول الوظائف المختلفة ومزاحمة الأيدي العاملة الأجنبية في مختلف المهن.

إننا في الحقيقة أمام تحد كبير لإعادة التعليم العام والجامعي إلى المسار الصحيح، وبالتالي فإنه لا بد من السعي الجاد الذي يساعد في رسم الطريق الصحيح للأجيال القادمة، ويسهم في الأخذ بأيديهم إلى التخصصات العلمية التي يحتاجها الوطن ويستفيد منها الخريجون، حيث لم يعد يحتمل الأمر أن يلقي كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر في ضعف مخرجات التعليم، لأن المرحلة القادمة تحتاج إلى تكاتف الجهود لمحاولة اللحاق بركب الأمم المتقدّمة على كافة الأصعدة.

وأخيراً، فإن مثل (تعلومهم) يقودنا إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتقدّمة في التعليم، كما يقنعنا أن هناك خبرات يمكن أن تساعد التربويين في وضع الأفكار للانطلاق إلى قافلة الدول المتقدمة تعليمياً.

إن الأمل كبير برجالات وزارة التربية والتعليم بقيادة الوزير الأمير خالد الفيصل للاستفادة القصوى من مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم الذي يسعى لتنفيذ عدد من المشاريع التعليمية النوعية التي من شأنها أن تسهم في رفع مستوى طلاب وطالبات التعليم العام في وطننا الغالي وتساعد في بناء أجيال تكتسب مهارات متعددة تحث على التفكير بعيداً عن الحفظ والتلقين الجامدين.

alelayan@yahoo.com

عضو مجلس إدارة نادي الشباب المشرف العام على المسؤولية الاجتماعية

مقالات أخرى للكاتب