05-11-2014

التاريخ الوطني في التعليم العام

يستهدف من تدريس التاريخ الوطني أن يكون عبرة للأجيال بحيث يكون ذلك التاريخ المرآة الصادقة لتصوير الماضي فيتعظ النشء بانتصاراته وانتكاساته وتصوير الجهد الذي بذله الأجداد في ترسيخ وحدة هذا الكيان بحيث يكون الفرد مديناً لآبائه وأجداده، كما يكون في موقع المسؤولية أمام الأجيال القادمة على اعتبار أنه سيقوم بتسليم التراث خيراً مما تسلمه من أسلافه، وبذلك نكون قد أشعلنا جذوة الانتماء في مواطنين صالحين يشعرون بالمسؤولية نحو تاريخهم ونحو أبنائهم، ملتزمين وطنياً ومؤمنين بأهمية مكتسبات الوطن عاملين على الحفاظ.

وتدريس التاريخ أو تقديمه في مدارسنا على الشكل الذي نمارسه في الوقت الحاضر لا يقوم بأي دور ثقافي تكويني إيجابي. فرغ من المحتوى، فهو رحلة جافة في الأسماء والسنين والأحداث السياسية والعسكرية التي طغت على الجوانب الأخرى.

إن تاريخنا الوطني لا يقدم ما هو مطلوب منه بسبب:

1- أنه يركز بالدرجة الأولى على الفعل السياسي والعسكري وهما إن كانا مطلوبين في إطار التوضيح وتبيين الجهد الذي بذل في بناء الكيان السياسي إلا أن الفعل الاجتماعي والثقافي قاصران غير واضحين في المناهج.

2- السير على منهج مألوف ومكرر بدأ من المرحلة المتوسطة حتى المرحلة الجامعية يعتمد على النقل من مادة مكررة ومتعارف عليها وإعادة تكوينها بصيغ إنشائية تكون هي الشكل المميز لها.

3- أنها لا تحقق الهدف المعرفي المطلوب فهم المادة المقدمة للطلاب هو استيعاب التواريخ والأسباب والمسببات التي يحفظها الطالب لتكون مصدر إجابته على الأسئلة التي يتوقعها.

4- إنه يقدم في ظل عدم توفر مناخ مناسب له، إذ لا أدوات علمية مساندة ولا رحلات ميدانية لربط الجانب النظري بالجانب المرئي عدا أعداد الطلاب في كل فصل دراسي.

5- هو تاريخ ذكوري يركز على الرجل ويهمل المرأة، لذا من الضروري إعطاء النساء حقهن من خلال التعريف بهن وتضمين سيرهن في المنهج الدراسي للذكور والإناث خاصة الذكور ليدركوا أن هذا المجتمع كان يقدر المرأة ويعترف بها وليس كما يعتقد البعض.

أما مقترحاتي لتطوير مادة التاريخ الوطني فإنني أرى الآتي:

1. إجراء دراسة تطبيقية على مناهج كتب التاريخ من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية.

2. إظهار الجانب الإنساني من تاريخ المملكة بإيراد المواقف والأفعال الإنسانية لملوك المملكة بدءًا من الملك عبدالعزيز ويشمل هذا أيضاً أئمة الدولة السعودية الأولى والثانية.

3. إبراز الأحداث الحضارية (اجتماعية وفكرية واقتصادية وفنية) ودور السكان والشعب بمقابل دور الأفراد المعروفين.

4. تقديم أعمال موسوعية مصغرة تكتب التاريخ الوطني كتاريخ أمة لا تاريخ أفراد أو بلاد لا تواصل بينها، وأن يكتب في إطار ثلاثة منظورات هي: المنطلق الوحدوي، الفهم الحضاري للتاريخ، التقيد بمنهجية صارمة في الكتابة التاريخية.

5. ألا يفصل التاريخ الوطني عن التاريخ الإسلامي أو فترة ما قبل الإسلام بمعنى أن يمهد بهاتين الفترتين المشار إليهما لتأكد على حقيقة أن المملكة من أهم الدول التي صنعت تاريخ الأمة العربية والإسلامية وتاريخها يمتد في الزمن إلى قرون سابقة.

6. توفير الأدوات المساندة والقيام برحلات ميدانية تربط الجانب النظري بالجانب المرئي والتركيز على التفاعل بين المدرس والطالب.

ختاماً:

من المهم أن نعمل على إخراج منهج التاريخ الوطني مما هو عليه من جمود، قبل أن يتحول درس التاريخ الوطني إلى مجرد حفظ للتواريخ والأحداث وسردها على ورقة الاختبار ومن ثم نسيان كل المادة لأنها لم تحفز ذهناً ولم تنشط خيالاً والأهم لم تنم شعوراً وطنياً مسؤولاً.

مقالات أخرى للكاتب