05-11-2014

عينان في رأس الأحساء

ما حدث في الأحساء لا يمكن تصديقه، وهذا ليس عنواناً صحفياً، بل حقيقةٌ راسخة يعيشها ويتعايش بها أهالي المنطقة وأهالي كل المناطق المرتبطة بها.

لقد كنا ولا نزال نرتبط بالأحساء ارتباطاً مميزاً، هم الأهل والأصدقاء والأحباء والزملاء. لقد ظللنا نشكّل عينين في رأس، نرى معاً ونحلم معاً وننام بطمأنينة معاً. لم يحدث أن نبشنا حقائب بعضنا لنصل إلى ما يفرقنا. كلُّ واحد منا كان يحمل حقيبته، في طريق السفر الطويل باتجاه الوطن الواحد.

منذ الوحدة، وحتى اليوم وغداً إن شاء الله، تبقى الأحساءُ مزيجَ التآخي الحقيقي. لا يستطيع أحدٌ أن يمسَّ هذه التعبير الذي يعكس الواقع، دون أدنى مبالغة. فلو حاول أحدٌ أن يلعبَ لعبته ليهزَّ هذا المقعد الأحسائي الوثير، فلن ينجح. ندعو الله ألاّ ينجح. وذلك لإيمان أهالي هذه الينابيع الدافئة وهذه النخيل الباسقة، بأن الأرض ملكٌ للجميع، للفقير قبل الغني، للشاب قبل الشيخ، للوافد قبل المتجذر، للمذهبي وغير المذهبي.

لقد جمعنا نخيلُ الأحساء تحت فيئة، في ظهيرة وطنٍ يتشكّل، لم يسألنا قط عن أسمائنا وهوياتنا ومذاهبنا. وكنا نبادله الظلَّ بالظل.. زرعناه بأوردتننا وسوّرناه بضلوعنا وأشرعنا أبوابه للحب ولنبذ الكراهية والتقسيم.

لقد جمعنا الأحساءُ في نصِّ قصيدة واحدة، وكان كلٌّ يكتبها على ليلاه، ويقرؤها على صباحاته المفعمة بالبناء المشرق، بالأيادي المتلاحمة. وهانحن تحت سقف واحد في كل مؤسسات الوطن، علماء وأطباء ومهندسين ومعلمين وإعلاميين وشعراء وفنانين ولاعبين، تفرقنا الجغرافيا ربما، ولكن الوطن يجمعنا بمفهوم الحب والتآخي والتعايش الجميل.

مقالات أخرى للكاتب