06-11-2014

وازن بين عباداتك ومعاملاتك!!

يتسابق المسلمون في يوم عاشوراء إلى صيامه اقتداءً بسنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال في فضل صيامه: (صيام يوم عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).

فمن منا لا يرغب في أن تُغفر خطاياه التي اقترفها في سنة كاملة، في مقابل أن يصوم لله عزّ وجلّ يوم واحد (يوم عاشوراء)!؟

فالملاحظ أن معظم سكان البلاد الإسلامية يتسابقون لفعل العبادات من (صلاة القيام، وصلاة السنن الرواتب، وصيام يوم عاشوراء، وصيام يوم عرفة..إلخ).

ولكن السؤال هنا.. هل معظم سكان البلاد الإسلامية يهتمون بأداء المعاملات كاهتمامهم بأداء العبادات!؟

بمعنى.. بما أنهم قد اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عاشوراء مثلاً، فلماذا لا يقتدون به في أخلاقه الحسنة؟

فعندما نتأمل في قراءتنا للقرآن الكريم نجد بأن الله تعالى قد مدح رسوله الكريم في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }.

وفي السنة المطهرة نلحظ بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن أهمية حُسن الخلق في قوله: (ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم).

ومن هذه الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن يتمسك بها كل مسلم (الصدق، والعدل، والأمانة، والحلم، والتواضع، والصبر، والشفقة..إلخ).

إلا أننا نجد في واقع بعض مجتمعاتنا الإسلامية صوراً من سوء الخلق.

فالأخ يأخذ حق أخته (ظلماً) مدعياً بأن المرأة لا ترِثُ من والديها، بناءً على عادات وتقاليد أسسها أشخاصٌ جهلة، ما أنزل الله بها من سلطان!! وظل هؤلاء الرجال متمسكين بها لأنها في صالحهم.

والغني يدخل على الناس في المجالس (متكبراً)، لدرجة أنه إذا ألقى تحية الإسلام فقط - السلام عليكم - قال عنه بعض ضعيفي الأنفس متواضعاً!!

والموظف (يكذب) على رئيسه في العمل بإحضار أعذار طبية باطلة من أجل ألا يخصم من راتبه ريالاً واحداً!!

والقريب (يحسد) قريبه الذي زاده الله تعالى سعةً في الرزق!!

وربة المنزل (تقسو) على الخادمة بألفاظ جارحة وبذيئة!!

والجارة (تغتاب) جارتها بوصف سيء ليس بها!!

فهل نحن (بالظلم، والكبر، والكذب، والحسد، والقسوة، والغيبة) اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم في المعاملات الحياتية!؟

للأسف لا والله.. فنحن في الحقيقة غالباً ما نحرص على أداء العبادات كما يجب، ولكننا بعيدون كل البعد عن أداء المعاملات كما تجب أيضاً - إلاّ من رحم الله -، أو إن صح التعبير لقد حرص البعض في معاملاتهم على أن يُحضِروا (عكس) أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

والمُتتبع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم يجد بأنها ارتكزت على الدين الإسلامي القويم، وتميزت عن غيرها من الديانات الأخرى بأنها (منهج حياة) تدل من يحرص على التمسك بها إلى الطريق الصحيح، ولضمان الاستمرار في هذا المسار المستقيم ينبغي أن تكون السنة النبوية مكتملة، فلا يُؤتى بجزء ويُهمِل جزء آخر.

فالإنسان الحكيم هو من يوازن بين تأديته للعبادات والمعاملات في الوقت نفسه، فتسير جنباً إلى جنب، لتكمل بعضها البعض نحو خُطى المصطفى صلى الله عليه وسلم.

حكمة.. حياة الإنسان لا تُقاس بطولِ السنين، بل بماذا قَدّمَ لآخِرته؟

مقالات أخرى للكاتب