السفير آل صالح في ندوة صحفية حول دور المملكة في قمة العشرين بأستراليا :

مشاركة سمو ولي العهد في قمة العشرين تكريس لريادة المملكة ودفعة قوية للعلاقات مع أستراليا

أستراليا - خالد الحمود:

أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أستراليا ونيوزيلاندا الأستاذ نبيل بن محمد آل صالح، في ندوة صحفية عقدها يوم أمس الأول في مكتبه بمقر السفارة بالعاصمة الأسترالية كانبيرا، تحدث فيها حول مشاركة المملكة العربية السعودية ودورها في قمة مجموعة دول مجموعة العشرين التي ستعقد يومي 15 و16 نوفمبر الجاري في مدينة برزبن بأستراليا، إنّ ترؤس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد وفد المملكة إلى هذه القمة، يأتي تكريساً للمكانة الدولية والريادية التي تحظى بها المملكة على المستوى الدولي ودورها الأساسي في صنع القرار الاقتصادي العالمي، انطلاقاً من الدور الهام والمؤثر الذي تلعبه المملكة في الجهود الدولية الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وصياغة نظام اقتصادي عالمي يسهم في تحقيق هدف مجموعة الدول العشرين المتمثّل في تشجيع النمو القوي والمتوازن والمستدام، في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء .

العلاقات السعودية الأسترالية

وأشار السفير آل صالح إلى أن مشاركة سمو ولي العهد في قمة العشرين وزيارته المقبلة مع الوفد المرافق لسموه إلى أستراليا، سيعطي دفعاً قوياً للعلاقات السعودية الأسترالية التي تشهد تطوراً متواصلاً يتسم بالحيوية والقدرة على التأثير الإيجابي على الساحة الأسترالية، في القضايا التي تهم الشأن السعودي والخليجي والعربي والإسلامي، سواء على المستويين الاقتصادي والسياسي, موضحاً أن المملكة تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لأستراليا في الشرق الأوسط، حيث سجلت التجارة الثنائية بين المملكة وأستراليا 2.459 مليار دولار أسترالي عام 2013م، وبلغت صادرات السعودية إلى أستراليا نحو 269 مليون دولار أسترالي في عام 2013م، من أهم تلك الصادرات الأسمدة الزراعية والنفط ومشتقاته، أما الصادرات الأسترالية للمملكة، فإنها بلغت 2.190 مليار دولار أسترالي تشمل في أغلبها السيارات وقطع الغيار واللحوم والمواد الغذائية والشعير والقمح. كما تُعد أستراليا إحدى أهم الوجهات المفضلة للمبتعثين السعوديين الذين يتلقون دراستهم في الخارج، فهنالك ما يقارب الـ13 ألف طالب وطالبة مبتعثين للجامعات الأسترالية، مع أسرهم يدرسون في كبرى الجامعات والمعاهد الأسترالية.

جدول أعمال القمة

وأوضح السفير آل صالح أن جدول أعمال مجموعة العشرين المقبلة، سيتضمن مسائل وقضايا عالمية واقتصادية هامة وفي مقدمتها مسألة تعزيز الاقتصاد العالمي، إصلاح المؤسسات المالية الدولية، تحسين التنظيم المالي والإشراف على إصلاح اقتصادي أوسع. كما ستقوم القمة بالتركيز على دعم النمو الاقتصادي العالمي، بما في ذلك تعزيز وإيجاد فرص أكبر للعمل وفتح التجارة وجعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة للتعامل مع الأزمات المالية والاقتصادية في المستقبل.

وبيّن السفير آل صالح أن أعضاء مجموعة العشرين يمثلون حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة العالمية وثلثي سكان العالم، وسيكون الاجتماع فرصة هامة للتشديد على دور مجموعة العشرين كمنتدى رئيسي لتعاون دول المجموعة.

دور المملكة في القمة

وركز السفير آل صالح على الدور الهام والمؤثر الذي تلعبه المملكة، في الجهود الدولية الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وصياغة نظام اقتصادي عالمي يسهم في تحقيق هدف المجموعة المتمثّل في تشجيع النمو القوي والمتوازن والمستدام، في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء .. موضحاً أن المملكة تعمل على تعزيز استقرار أسواق الطاقة العالمية، من خلال دورها الفاعل في السوق البترولية العالمية، الذي يأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، من خلال الاحتفاظ بطاقة إنتاجية إضافية لتغطية الطلب العالمي المتزايد، حرصاً منها على ضمان تدفق الاستثمارات الضرورية لتعزيز القدرات الإنتاجية، ومساعدة الدول الفقيرة في سعيها للوصول إلى مصادر طاقة موثوقة ومعقولة التكلفة، باعتباره أمراً أساسياً لخفض الفقر وتحقيق النمو والتنمية المستدامة، الأمر الذي يؤهلها للاستمرار في لعب دور أساسي في صياغة نظام اقتصادي عالمي يمكّن من الاستجابة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.

وأشار السفير آل صالح إلى أن تنظيم المملكة ورشة عمل «أمن الطاقة» ضمن فعاليات مجموعة العشرين في مدينة الرياض عام 2010م، ركّزت محاورها على أمن إمدادات النفط، والإعانات والضرائب، وتوفير الطاقة للفقراء، واستخدام الطاقة لتحقيق التنمية المستدامة، والتي ساهمت في إيجاد أرضية مشتركة للحوار في القضايا المهمة لدول المجموعة.

لافتاً إلى اتخاذ المملكة عدداً من التدابير والإجراءات على مستوى السياستين المالية والنقدية، حيث أقرّت عام 2008 م أحد أكبر برامج التحفيز في دول مجموعة العشرين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ودأبت على زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل الحكومية المتخصصة لتتمكّن من توفير تمويل إضافي للقطاع الخاص، وخاصة للمشاريع المتوسطة والصغيرة، والتي ساهمت في الحدّ من تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي، فضلاً عن تعزيز أدائه، حيث أشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن المملكة من أفضل الدول أداءً بين اقتصادات دول مجموعة العشرين للفترة من بين 2008 - 2012 م بعد الصين والهند. كما أكّد تقرير مشاورات صندوق النقد الدولي مع المملكة لعام 2013م، أن المملكة دعمت الاقتصاد العالمي عبر دورها المساند لاستقرار سوق النفط، ورحّب بالتدابير التي اتّخذتها المملكة لتعزيز إدارة المالية العامة، والخطوات المستمرة لدعم التطوير المالي وتعزيز التنظيم والرقابة المالية، والاستثمارات الكبيرة الموجهة للتعليم للنهوض بمهارات المواطنين، وأن نمو الائتمان في المملكة لا يزال قوياً، وأن الجهاز المصرفي يتمتّع بمستوى جيّد من كفاية رأس المال والربحية، مع بدء تطبيق معايير بازل 3 لرأس المال في يناير 2013م والذي طبّقته المملكة.

وبيّن السفير آل صالح أن تقرير المساءلة لمجموعة العشرين، أشار إلى أن المملكة حققت تقدماً قوياً تجاه جميع التزاماتها على صعيد الإصلاحات الهيكلية خاصة إصلاحات سوق العمل، والتوسّع في منح الإئتمان إلى المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وتعزيز توظيف المواطنين. حيث تم تزويد مجموعة العشرين بالالتزامات التي أعدّتها المملكة لسياساتها الاقتصادية على مستوى المالية العامة، والسياسة النقدية، وسياسة سعر الصرف التي من شأنها العمل على تشجيع النمو القوي والمستدام والمتوازن، والتي تم نشرها مع البيان الختامي لقمة العشرين المنعقدة في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية عام 2013م، والتي تركّز على الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة والخدمات العامة، وفي الوقت نفسه ضمان استدامة المالية العامة، والمحافظة على استقرار سعر الصرف والأسعار المحلية، وزيادة المعروض من المساكن. وتحسين البيئة التحتية لقطاع النقل. وتطبيق إطار جديد لحماية مستخدمي الخدمات المالية.

فعاليات مجموعة العشرين في مدينة الرياض عام 2014م

وبيّن السفير آل صالح أن الرئاسة الأسترالية اقترحت على أجندة مجموعة العشرين العمل خلال عام 2014م، تطوير الاستثمار وتعزيز القطاع الخاص لدعم النمو العالمي .حيث سارعت المملكة بتعزيز هذه الجهود من خلال استضافتها لورشة عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمن فعاليات مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة الرياض في مارس عام 2014م، والتي تأتي أهميتها في كون المشروعات الصغيرة والمتوسطة تستحوذ على اهتمام متزايد من الحكومات والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية، نظراً لمساهمتها في التنمية الاقتصادية وتعزيز التنافسية على المستوى الدولي، وإيجاد فرص عمل جديدة، وتوسيع مجالات الابتكار والتقدم التقني والاستثمار.

وتوقف سفير المملكة أمام دعم المملكة لجهود الدول الفقيرة في مواجهة آثار الأزمة المالية العالمية، وذلك من خلال زيادة مساعدتها التنموية والإنسانية الثنائية والمتعددة، بما في ذلك دعم بنوك التنمية متعددة الأطراف، وقال: من جانب آخر قد رسمت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لزيادة رؤوس أموال المؤسسات والصناديق العربية المشتركة بنسبة لا تقل عن (50%)، مساراً لتفعيل التعاون والتكامل الاقتصادي العربي وتطوير آلياته بما يخدم أهداف التنمية، ويسهم في المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، وبالتالي في الاقتصاد العالمي.

دور المملكة الريادي في الاقتصاد العالمي

وعن مساهمات المملكة في تطبيق توصيات قمة مجموعة العشرين، أكد السفير آل صالح أن المملكة ساهمت في دعم موارد صندوق النقد الدولي لتعزيز دوره في مجابهة المخاطر الاقتصادية العالمية، وذلك تماشياً مع موقف المملكة بصفتها مساهماً رئيسياً في المؤسسات المالية الدولية ومجموعة العشرين، وهو ما يؤكد على دورها الريادي في الاقتصاد العالمي باعتبارها مساهماً رئيساً في دعم جهود الدول النامية لمواجهة الأزمة المالية العالمية، من خلال عضويتها في الصناديق والبنوك الدولية والإقليمية .

كما قامت المملكة بالمصادقة على إصلاحات صندوق النقد الدولي لعام 2010م. ووافقت على زيادة حصتها في إطار المراجعة العامة الرابعة عشرة لحصص الصندوق، موضحاً أن المملكة تكون بذلك قد أكملت جميع الخطوات المتعلقة بإصلاحات عام 2010م للحصص والحوكمة في الصندوق.

خطة عمل التنمية

كما أوضح السفير آل صالح، أن المملكة ساهمت بشكل أساسي في صياغة خطة عمل التنمية متعددة السنوات التي تبنتها قمة العشرين المنعقدة في سيول الكورية عام 2010م، والتي تحتوي على تسع ركائز للتنمية، حيث لعبت دوراً محورياً في مجموعة عمل التنمية المنبثقة عن مجموعة العشرين وعززت من الجهود القائمة لتحقيق الأمن الغذائي وتطوير البيئة التحتية في الدول النامية، من خلال تولي عدد من دول المجموعة مهمة العمل كمنسق لإحدى ركائز خطة عمل التنمية التسع، فقد تولّت المملكة إلى جانب ألمانيا مهمة التنسيق المشترك لركيزة القطاع الخاص وإيجاد فرص العمل، وتم تحقيق نتائج إيجابية من خلال العمل كمنسق لهذه الركيزة الهامة.

وأشار إلى مساهمة المملكة بشكل فعّال في التعامل مع قضايا التحايل والتهرب الضريبي على المستوى الدولي، والذي تسعى المجموعة للقيام بدور حيوي في التعامل معه .حيث شاركت في إعداد خطة عمل مجموعة العشرين لمعالجة تآكل القواعد الضريبة ونقل الأرباح، وقد رحب البيان الختامي لقمة العشرين المنعقدة في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية عام 2013م بهذه الخطة التي سيتم تنفيذها بالتعاون بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ودول المجموعة، موضحاً أنّ المملكة قامت بالتوقيع مؤخراً على الاتفاقية متعددة الأطراف للمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الضريبية، سعياً منها لتعزيز الجهود الدولية المبذولة للتعامل مع القضايا الضريبية.

جهود مكافحة الفساد

شاركت المملكة بفعالية في جهود مكافحة الفساد في إطار مجموعة العشرين من خلال تعبئة نموذج «طلب المساعدة القانونية في المسائل الجنائية «، والذي يحتوي على الإجراءات التي ينبغي اتباعها عند طلب المساعدة القانونية في المسائل الضريبة بين دول المجموعة، وقد تم تزويد مجموعة العشرين بهذا الاستبيان،كما صادقت المملكة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

المشاركة وتنفيذ التزامات قمم العشرين

وبيّن السفير آل صالح مشاركة المملكة في الالتزامات التي تقر خلال قمم العشرين وتعمل على تنفيذها، سعياً منها لتعزيز النمو الاقتصادي المحلي والعالمي. وجعله أكثر متانة لمواجهة الأزمات والصدمات، من خلال طرح وجهة نظرها في المناقشات التي تتم في اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول المجموعة، واجتماعات ممثلي قادة دول مجمعة العشرين (الشربا)، بالإضافة إلى المناقشات التي تتم في مجموعات العمل والفعاليات المصاحبة لها .. مشيراً إلى أن المملكة تصدّرت ترتيب الدول الملتزمة بتنفيذ التزامات مجموعة العشرين، في التقرير الذي أعده فريق من الباحثين تحت إشراف معهد أبحاث المنظمات الدولية التابع للجامعة الوطنية العليا للعلوم الاقتصادية في روسيا، ومجموعة أبحاث مجموعة العشرين في جامعة تورنتو الكندية، والذي يعد محاولة أولية لقياس التقدم المحرز في التزامات مجموعة العشرين السابقة، ويعطي مؤشراً لمدى التزام المملكة بتنفيذ الالتزامات التي أقرتها المجموعة في القمم السابقة، تدعم المملكة مواصلة العمل والبناء على ما تحقق من نجاح لمجموعة العشرين، بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الانزلاق في خطر الركود الاقتصادي، لضمان استمرار فعالية المجموعة وحيوية دورها الهام لدفع النمو والاستقرار الاقتصادي العالمي.

الوضع الاقتصادي القوي للمملكة

وبيّن السفير آل صالح أن الوضع الاقتصادي القوي الذي تتمتع به المملكة، وما حققته من نمو ونهضة اقتصادية على جميع الأصعدة، شجع جميع دول العالم على الاستفادة من الفرص الاستثمارية الهائلة فيها، حيث حافظت المملكة على معدل نمو بلغ 6% في العشر سنوات الماضية، كما يمثل اقتصاد المملكة 25% من اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبلغت ميزانية المملكة لعام 2014م 228 مليار دولار، بالتزامن مع تأكيد المملكة التزامها في تطوير ودعم مختلف المجالات الداخلية في النهضة التنموية الشاملة في المملكة، خاصة في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية.

ترتيبات السفارة

وعن الترتيبات التي اتخذتها السفارة لإنجاح ترتيبات الزيارة ومشاركة الوفد السعودي في القمة، أوضح السفير آل صالح أن السفارة تسعى وتتطلع لتوفير الخدمات المناسبة، التي تليق بالأهمية والمكانة الكبرى التي تحظى بها مشاركة ولي العهد في هذه القمة، وأشار إلى أنّ السفارة قامت بتشكيل فريق عمل كبير متواجد في مدينة برزبن، لتوفير جميع التسهيلات والخدمات للوفد السعودي المشارك في هذه القمة , وذلك بالتنسيق والتعاون مع الإدارة المنظمة للقمة والإدارات الأسترالية الرسمية المعنية الأخرى، معرباً عن شكره للحكومة الأسترالية للتسهيلات والخدمات التي قدمتها لاستضافة القمة، وعن أمله وتمنياته في أن تحقق الأهداف التي وضعتها وتتكلل بالنجاح.