غاب اللطف .. وحضر العنف!

علي بطيح العمري

هل تتذكرون قصة الأب الذي سلخ رأس ابنه؟!

هل قرأتم عن حادثة الأبوين اللذين ضربا ابنهما الرضيع «بالفلكة»؟!

هل خطر ببالك أن تقتل طفلة على يد والدها بـ 12 طعنة؟!!

وقبلها عشرات الحوادث إن لم تكن مئات من أخبار العنف ضد الأطفال.. لما أعلق في تويتر على أخبار العنف ضد الأطفال خاصة من قبل الوالدين، أقول: ماذا تفعل لأب نزعت الرحمة من قلبه؟ وما الذي تفعله قوانين الدنيا لأم لم تدخل الرحمة قلبها ولم يتسلل الرفق إلى عقلها؟

كان صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن وهو صغير، وأبصره الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: أو تقبلون صغاركم إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم»، فنظر إليه الرسول الكريم فقال: من لا يَرحم لا يُرحم، وفي رواية أو أملك لك شيئاً إن كان الله نزع منك الرحمة».

أتفهم لما يكون العنف الموجه للطفل من قبل الآخرين كالخدم، لكن الأشد ألماً أن يصدر من أقرب الناس إليه، ممن يفترض فيهم الرحمة والرفق، وصدق طرفة بن العبد لما قال:

وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة ً

على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد

فعندما يصطدم الأبناء بعنف الآباء تتصدع أمامهم كل أخلاقيات الدين، ويفقدون الدفء النفسي والدرع التربوي. ولك أن تتصور أي شخصية وأي جيل سيتخرج على يد تلك العائلة المتوحشة، حتماً ستؤدي إلى إنتاج شخصيات إرهابية خائفة تتميز بالعجز وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، كما أنه يساعد على تكوين الشخصية المنتقمة التي تتلذذ بإيذاء الآخرين، فالدراسات تؤكد أن 30% من الأبناء الذين يتعرضون للعنف في الصغر يتحولون إلى معنفين في الكبر!

تتعدد أسباب عنف الوالدين للأبناء، فتعاطي المخدرات سبب، والتفكك الأسري ومشكلات الطلاق لها دور في العنف، وكذلك ظروف العمل وضغوطه وحالات البطالة، وكبر حجم الأسرة والعناد المستمر من بعض الأطفال، والفهم الخاطئ للتربية كمن يرى أن الشدة في التعامل أسهل طريق لترويض الأطفال، وقصور الأنظمة والتشريعات لمحاسبة المعنف.

ولإيقاف العنف نحتاج إلى تعزيز الوازع الديني، ونشر سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام- وكيف كان يتعامل مع الأطفال، وتفعيل المنظمات ذات الاختصاص، وتسهيل الوصول للطفل المعنف، ونحتاج إلى عناية تامة بالطفل المعنف، ومن قام بالتبليغ، ومحاربة البطالة، وفرض العقوبات وتطبيقها بصورة حازمة، وكذلك إعداد البرامج التثقيفية من خلال الوسائل والإمكانات المتاحة.

إن الأطفال همهم كبير والعناية بهم أمر عظيم؛ فهم ألم الحاضر وقلق المستقبل، والكل يهمه أمرهم، سواء على مستوى الأفراد أو الدول، ومربينا الأول وقدوتنا عليه الصلاة والسلام اهتم بهم وأحسن إليهم رغم كثرة أشغاله.