أكدوا أن هذا الإجراء سيحدُّ من تدفق القضايا على المحاكم الابتدائية

محامون: نظام الموثقين خطوة تاريخية تحدُّ من تدفق القضايا على المحاكم الابتدائية

الجزيرة - المحليات:

على خلفية إطلاق مشروع نظام الموثقين الذي دشنه معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الأسبوع الماضي, أكد عدد من نخبة المحامين بالمملكة أن هذه الخطوة التاريخية من شأنها أن تحدَّ من تدفق القضايا على المحاكم الابتدائية؛ كون تلك العقود والإقرارات بمجرد توثيقها عند موثق مختص ستتحول آلياً إلى سندات تنفيذية، لا تحتاج زيادة بينة لإثباتها، ومن ثم ستتجاوز بصاحبها عقبة المحاكم الابتدائية إلى محاكم التنفيذ مباشرة, مثمنين تقدير وزارة العدل لمنجزات المحامين ودورهم المهم في منظومة العدالة. وقدم المحامون كذلك شكرهم وتقديرهم لمعالي وزير العدل الذي أعطى كل اهتمامه لتطوير مرفق القضاء بشكل عام ومهنة المحاماة بشكل خاص.

وذكر رئيس لجنة المحامين بالغرفة التجارية بجدة ياسين خياط أن إطلاق مشروع نظام الموثقين يأتي ضمن الإنجازات التاريخية التي حققتها وزارة العدل لتنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء. ويأتي هذا الإنجاز بالتزامن مع تفعيل تخصص المحاكم السعودية، مؤكداً أن ما قامت به وزارة العدل أكبر دليل على تقديرها لخبرات المحامين، وترسيخ دورهم في المشاركة في المنظومة العدلية من خلال إسناد أعمال التوثيق القضائي لهم؛ الأمر الذي يلقي على المحامين مسؤوليات أكبر في تطوير خبراتهم وأعمالهم لخدمة القطاع الاقتصادي الذي يأمل بتسريع عجلة الإجراءات وسير الدعاوى لخدمة الاقتصاد الوطني.

من جهته، قال المحامي كاتب الشمري إن هذه الخطوة ستؤدي إلى خلق مرونة كبيرة في كتابة الوكالات، وتوثيق العقود عبر مكاتب المحاماة العاملة في المملكة، وستسهل الكثير من الأمور على المواطنين والشركات؛ كونها تخرج عن المركزية التي ظلت لدى كتّاب العدل لفترات طويلة. وكثير من المواطنين يحتاجون للوكالة في أوقات لا يكون كاتب العدل فيها موجوداً في مقره بحكم انتهاء فترة عمله، إضافة إلى أن الكثير يأتي إلى مكتب المحامي، ويريد أن يرمي كل حمله في المكتب، وتكون الوكالة من الأعباء التي تعيقه، وهذا ما لمسناه من خلال التجربة العملية على مدار السنوات الكثيرة؛ ما يؤدي إلى تأخر مصالحهم، والأمر نفسه تعاني منه الشركات.

وبيّن المحامي الشمري أن وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أعطى جلَّ اهتمامه لتطوير مرفق القضاء بشكل عام، ومهنة المحاماة بشكل خاص؛ وذلك في إطار مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، وكان لهذا الأمر آثار إيجابية كثيرة؛ لأن المحامين عموماً جزء لا يتجزأ من منظومة العمل القضائي؛ كونهم جميعاً يمثلون أحد القطاعات المدنية المهمة والمرتبطة بالقضاء كماً ونوعاً، وفي الوقت نفسه سيوفر النظام العديد من الكفاءات من كتّاب العدل الذين سيلتحقون بالقضاء (إما قضاة أو معاوني قضاة).

وذكر المحامي خالد البابطين حول تمكين المحامين من ممارسة أعمال التوثيق أن هذه الخطوة تُعد تطوراً هائلاً لمهنة الموثقين من جهة، وتطوراً حاسماً لمرفق القضاء من جهة أخرى؛ فتمكين المحامين من تقديم خدمات التوثيق من شأنه تفعيل جوانب التوثيق كافة التي كانت غائبة في الفترة السابقة؛ إذ سيفتح المجال لتوثيق جانب مهم من العقود المدنية والتجارية؛ لتتحول إلى عقود تتمتع بالصفة الرسمية، فضلاً عن توثيق الإقرارات.

وأشار البابطين إلى أن هذه الخطوة الكبيرة من شأنها الحد من تدفق القضايا على المحاكم الابتدائية؛ إذ إن تلك العقود والإقرارات بمجرد توثيقها عند موثق مختص ستتحول آلياً إلى سندات تنفيذية، لا تحتاج لزيادة بينة لإثباتها، ومن ثم ستتجاوز بصاحبها عقبة المحاكم الابتدائية إلى محاكم التنفيذ مباشرة، وفي ذلك يظهر جلياً البُعد التطويري من حيث ترشيد القضايا المنظورة في المحاكم الابتدائية، والحد من تدفقها.

وأكد رئيس اللجنة الوطنية للمحامين الدكتور إبراهيم الغصن أن تدشين أعمال الموثقين وغيرها من الإنجازات التي أنجزتها وزارة العدل له الدور الكبير في تطوير مرفق القضاء حتى تتحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين _يحفظه الله_ الذي وضع الخطط الرئيسية للرقي بمستوى القضاء بالمملكة؛ ولذلك وزارة العدل سعت مشكورة إلى تكرار الإنجاز تلو الإنجاز، وتطوير جميع الخدمات في الجهات العدلية كافة.

وقال الغصن أثناء تدشين أعمال الموثقين: الحقيقة، أسعدني كلام معالي وزير العدل عن المحامين؛ إذ إنه نص في كلمته بعبارة راقية عن المحامين، فقال ما نصه «المحامي زميل القاضي المهني وشريكه في إيصال العدالة». وبلا شك، إن هذه الثقافة ثقافة شخص واعٍ ومدرك لأبعاد مهنة المحاماة؛ لأن المحامي فعلاً شريك القاضي؛ ولذلك المحامي يسمى عالمياً القاضي الواقف. فكون وزير العدل رأس الهرم العدلي، ويملك هذا الفهم والإدراك لطبيعة عمل المحامي، الذي يعتبره شريكاً في تحقيق العدالة، هذا لا شك يعطي مهنة المحاماة رقياً كبيراً، ويعطي المحامي ثقة واسعة في مهنته.

وأوضح وكيل وزارة العدل المساعد للتسجيل العيني المكلف فهد بن رابح السلمي أن موافقة معالي وزير العدل على لائحة الموثقين وأعمالهم وعلى محضر إعداد الخطة التنفيذية لتطبيق هذه اللائحة تأتي في إطار التطوير المستمر من قِبل الوزارة للعمل التوثيقي نتيجة لتعدد المجالات المتعلقة بأعمال التوثيق وطبيعتها؛ ما يتطلب تنويع اختصاصات التوثيق وهياكله والرفع من كفاءة إدارته.

وأضاف السلمي بأن العمل التوثيقي خطا خطوات كبيرة نحو التطور؛ فمشروع التسجيل العيني للعقار، الذي سيجري تطبيقه في مناطق المملكة، سينهي مشكلات التزوير ومتعلقاته وتعدد صكوك الملكية وتضاربها، ويحقق تثبيت الحقوق والالتزامات واستقرار الملكية العقارية والنظام العقاري ودعم الائتمان العقاري في المملكة.

فيما أكد مدير الإدارة العامة للموثقين المكلف منصور بن عيسى الأحمد أن وكالة الوزارة لشؤون التوثيق، ممثلة بالإدارة العامة للموثقين، ستتولى الإشراف الكامل على أعمال الموثقين من استقبال طلبات رخص التوثيق الإلكتروني، وإصدار الرخص عبر لجان تم تشكيلها من قِبل معالي وزير العدل، وكذلك المتابعة المستمرة لمكاتب الموثقين لضمان عدم الإخلال باللوائح والتعليمات الصادرة في هذا الشأن. مشيراً إلى أن بدء أعمال الموثقين يهدف إلى تخفيف الأعباء على كتابات العدل، وخدمة المواطن والمقيم.

ومن جانب آخر، أكد رئيس الاتحاد العربي للتحكيم المحامي سعد بن عبدالله بن غنيم أن لائحة الموثقين التي اعتمدتها وزارة العدل بإسناد أعمال التوثيق لموثقين مرخصين من الوزارة، يعملون في القطاع الخاص، سيسهم في حل الكثير من مشاكل التوثيق التي تتطلب الحضور إلى الدوائر الشرعية في أوقات الدوام الرسمي، وما قد يتطلبه ذلك من حرج لبعض المستفيدين. وبهذه اللائحة سوف تحل هذه المشاكل بحيث يتخذ الموثق مكتباً خاصاً به، أو الخروج إلى راغبي التوثيق، ممن لا تمكنهم ظروفهم من الحضور، ولاسيما في الحالات التي تتطلب تعديل عقود الشركات التي تشتمل على عدد كبير من الشركاء، الذين يتعذر حضورهم في وقت واحد للإقرار بتأسيس أو تعديل عقد شركة أو وكالة، ونحو ذلك.

وبيّن المستشار القاسم أن الموثق المرخص أصبح بإمكانه مباشرة إجراءات المبايعة كافة بعد دخوله على برنامج كتاب العدل في موقع الوزارة، الذي يتيح له إفراغ العقارات المسموح بتداولها، ولن تشمل العقارات الملغاة ولا الموقوفة ولا المحجوزة ولا ما كان منها من اختصاص المحاكم، وأيضاً شركات القطاع الخاص سوف تخدم أعمال التوثيق في إجراء جميع عملياتها الشرعية والقانونية بشكل مهني، بما يحافظ على أوقاتهم وسجلاتهم وأسرارهم. وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في تسهيل الإجراءات على المواطنين، مع تخفيف الأعباء على كتابات العدل.

يُذكر أن وزارة العدل أعلنت بدء مشروع نظام الموثقين، الذي يقضي بتخصيص بعض أعمال كتابات العدل، بما يضمن تمكين مكاتب المحاماة ومن تتوافر فيهم الشروط من غيرهم من مباشرة مهام إصدار الوكالات وإجراء توثيق العقود والمبايعات، وسيكون بإمكان المستفيدين الاختيار بين الحصول على تلك الخدمات من كتّاب العدل أو الموثقين الخاصين.

وأوضح معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى خلال حفل تدشين أعمال هذا التخصيص أنه سيتمُّ ربط الموثقين المرخص لهم بنظامها الإلكتروني. وفيما يخص إفراغ العقارات فسيباشر الموثق إجراءات المبايعة كافة بعد دخوله على برنامج كتاب العدل، الذي لن يتاح له فيه سوى إفراغ العقارات المسموح بتداولها، ولن تشمل العقارات الملغاة ولا الموقوفة ولا المحجوزة ولا ما كان منها من اختصاص المحاكم. فيما أشارت الوزارة إلى أن هذا التخصيص جاء وفق الصلاحيات النظامية الممنوحة لها.