18-11-2014

قمة الرياض الاستثنائية تعيد مجلس التعاون لتماسكه

تسعة أشهر استمرت «الغمامة» تحجب شمس التعاون في سماء دول مجلس التعاون، إلا أن حكمة وإصرار قادة المجلس على هذه المنظومة الخليجية التي تؤطر وشائج أهل الخليج، أزاحت الغمامة وأعادت الأوضاع إلى طبيعتها بعد أن تمكن القادة في اجتماعهم الاستثنائي في الرياض من معالجة المعوقات التي تسببت في ظهور تلك المعوقات، والتي جاء تجاوزها بكثير من الحكمة والصبر والمعالجة الواعية، وكان لدور «نوخذة» الخليج الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الدور الفاعل بعد أن بذل جهوداً متواصلة تخللتها رحلات متوالية لعواصم دول الخليج العربي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي عالج بعض النقاط التي لم تنفذ في اتفاق الرياض الأول الذي تم في الرياض أيضاً، والاتفاق التكميلي يصب في وحدة دول الخليج العربي ومصالحها ومستقبل شعوبها، إذ يعالج خلافات تعد من الأمور السيادية خاصة تلك التي تتعلق بالمواطنة والهجرة والعلاقة بالخارج، وبما أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون يشكلون منظومة إقليمية واحدة، فإنه ولكي تضمن هذه الدول استمرار ونجاح هذه المنظومة في التماسك فلابد أن يتم التنازل عن بعض من هذه الأمور خاصة إذا كانت تضر بالدول الأعضاء وتؤثر على أمنها الداخلي.

والمعروف أن الخلاف القطري مع الدول الثلاث السعودية والإمارات والبحرين يُعلق بتجنيس مواطنين من بعض دول مجلس التعاون، وخاصة من مملكة البحرين وهم من المعارضين للحكومة البحرينية، كما تتوجس الدول الثلاث من احتضان دولة قطر لقادة الإخوان المسلمين الذين تصنفهم هذه الدول في خانة الجماعات الإرهابية، إضافة إلى الموقف السياسي القطري تجاه الوضع الجديد في مصر والتغير الإيجابي الذي تم أخيراً، إذ تعتبر الدول الثلاث مصر عمقاًَ استراتيجياً لها يجب تقويته ودعمه وليس إشغاله بالتعاطف وحتى دعم الجهات المعارضة له.

الاتفاق الأول الذي عقد في الرياض وأيضاً بعد جهود طيبة للشيخ صباح الأحمد عالج «الشطط الإعلامي» لقناة الجزيرة وهو ما التزمت به دولة قطر تجاه دول مجلس التعاون إلا أنه تواصل الإساءة لمصر، كما تم تقليص وجود قادة الإخوان المسلمين في قطر، إلا أن استمرار تجنيس البحرينيين المعارضين أدت إلى اعتراض دول مجلس التعاون على عدم التطبيق التام لبنود اتفاق الرياض الأول وهو ما أدى إلى تحفظ هذه الدول على المشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي القادمة في الدوحة، ولم يعقد المجلس الوزاري للإعداد للقمة، وهنا عاد الشيخ صباح الأحمد الصباح للتحرك من جديد ليتم الاتفاق على عقد القمة الاستثنائية التي عقدت مساء الأحد في الرياض، وتمخضت عن عقد «اتفاق الرياض التكميلي» الذي عالج نقاط الخلاف وإن لم يعلن عن فحواه إلا أن المتابعين يرون بأن القادة قد عالجوا موضوع تجنيس المعارضين البحرينيين من قبل قطر ليكتمل التزام قطر بوقف الحملات الإعلامية ووقف التدخل في الشؤون الداخلية الخليجية وعدم احتضان قيادات الإخوان المسلمين ليعلن بعدها عودة سفراء المملكة والبحرين والإمارات وتثبيت عقد القمة الخليجية في الدوحة، وبالتالي نجاح قادة دول مجلس التعاون في تجاوز أكبر وأخطر العقبات التي واجهت المجلس منذ إنشائه.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب