20-11-2014

العودة إلى المربع الأول «خليجنا واحد»

كما يُقال لا يمكن أن يتحول الدم إلى ماء، فما هو قائم بين الإخوة والأشقاء يظل هو الدم الذي يجري بين عروقهم، ومهما حدث من خلاف أو سوء تفاهم أو حتى انشقاق في الصف الأخوي، فلا تزال هناك روابط تربط الإخوة وتجمعهم وتجعلهم في صف واحد دائماً.. ونحن نقصد هنا التئام الصف الخليجي مرة أخرى.. وهذا ما أعلن

عنه خادم الحرمين في القمة التي استضافها - يحفظه الله - يوم الأحد الماضي بحضور قيادات خليجية من الإمارات والبحرين والكويت مع قطر.. ونتج عن هذا الاجتماع فتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية بين الأشقاء في قطر وإخوتهم في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت، وهي الدولة - وأقصد الكويت - التي قامت بالمساعي الحميدة في مجلس التعاون الخليجي من أجل أن يلتئم الصف وتتوحد الكلمة.

لقد أثبت الزمان والمكان أو لنقل التاريخ والجغرافيا أن دول المجلس شعوبها ستظل هي امتداد لبعضها البعض واستمراراً لكياناته الاجتماعية المترابطة ولحُمة سياسية واحدة.. - وبكل صراحة - لقد تجاوز المواطن الخليجي بمراحل عديدة المراحل والخطوات السياسية في الوحدة الخليجية لكون كل مواطن في هذه البقعة الخليجية التي تمتد من عمان والإمارات إلى الكويت، ومن المملكة العربية السعودية إلى البحرين وقطر يشعر أنه في بلد واحد وشعب واحد ونسيج اجتماعي واحد، مهما اختلفت ألوان الطيف الثقافي أو الاجتماعي، لأن مثل هذا الاختلاف يؤدي إلى تكامل ثقافي ووحدة اجتماعية ونسيج سياسي.. نعم لقد تجاوز المواطن الخليجي بإدراكه ومعايشته على أرض الواقع أن الوحدة الخليجية قائمة ومعاشة وتحت واقع حي مدرك، وهو بهذا يتقدم على الخطوات الرسمية التي لا يزال يراوح فيها المجلس ككيان سياسي.

لقد كان يُراهن الكثير من المواطنين أن الانشقاق القطري عن لحُمة الجسد الخليجي لم يكن إلا حالة طارئة وخروجاً عن مسار التاريخ وقانون الجغرافيا، وكنا نراهن على أن الوقت سيأتي لنرى عودة الشقيقة قطر مرة أخرى إلى الصف الخليجي والعمل الخليجي المشترك وعودة قادة دول المجلس إلى الاجتماعات المشتركة من أجل تحقيق أهداف المجلس.. وقد حاول البعض أن يُوسّع من رقعة الخلاف بين دول المجلس ولكنا كنا نؤكد دائماً أن الوقت سيأتي لنرى هذا الخلاف مهما كبر والاختلاف مهما تعاظم سيكون في يوم قريب في أدراج التاريخ وستمحوه مياه الخليج العربي.

وكان البعض من المحللين ومن المراقبين المحبين لمجلس التعاون الخليجي يرى أن الكويت لم تقف مع باقي دول المجلس الثلاث الأخرى خلال فترة الجفاف الدبلوماسي، ولكن كنا نعلم أن الشيخ صباح أمير دولة الكويت كان يعمل دون كلل أو ملل وبجهود استثنائية إلى لمِّ الشمل الخليجي ووحدة الصف بين الأشقاء في دول المجلس، وهذا ما حدث فعلاً من نجاح لسموه في إعادة اللُحمة الخليجية وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين قطر وكل من المملكة والبحرين والإمارات.. وقد نجح والحمد لله في هذه المهمة في ضيافة وأنظار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.. واجتماع الأحد هو ترجمة لنجاح الوحدة الخليجية في احتواء خلافاتها فيما بينها.

وأعود لأقول وأؤكد أن المواطن الخليجي قد تقدم كثيراً في الوحدة الخليجية على العمل الرسمي الذي يقوده المجلس بين الأعضاء، وقد جرت العادة في الوحدات السياسية أن يأتي المواطن ثانياً بعد قرارات سياسية كبيرة لدول تحت الاتحاد أو الوحدة السياسية، ولكن المواطن الخليجي سبق ظروف تأسيس المجلس وهو الذي فرض على هذه الدول الوقوف مع بعضها لتكون تحت مظلة سياسية واحدة.. فشعوب دول المجلس ذات وشائج ونسيج اجتماعي وقيمي ووجداني واحد، وهذا هو قاسم النجاح الأكبر بين دول المجلس، فمتغير المواطن يظل هو الأساس الذي نبني حوله الأهداف المشتركة بين هذه الدول.. ودائماً نحن نتوقع أن يخطو المجلس خطوات كبيرة في مشروع الوحدة الخليجية والعملة الخليجية والعمل الخليجي المشترك.

alkarni@ksu.edu.sa

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية -أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود - رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال،رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد

مقالات أخرى للكاتب