22-11-2014

اغتصاب الطفلة .. مسؤولية من؟!

الخبر الذي قرأناه مؤخرًا، ولن يكون الأخير، عن حادثة اغتصاب سائق من الجنسية السورية لطفلة عمرها 8 سنوات أثناء توصيله لها إلى المدرسة، هو خبر تعجز الحروف أن تكتب عن حجم ألمه، ولا توفي الكلمات وصف حالة الأبوين بل والمجتمع برمته جراء هذه الجريمة النكراء.

يتضح من سياق الخبر وتصريح المتحدث الإعلامي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن السائق يعمل بصورة غير نظامية، وأنا هنا لن ألوم الوالدين لأن الظروف أجبرتهما على تسليم فلذة كبدهما لهذا المجرم، ولا أظن هناك بيت في السعودية لم يستعن بسائق غير نظامي بسبب الظروف القاسية التي تجعلنا خاضعين لهؤلاء المجرمين سواء نظاميين أو غير نظاميين، وندخلهم بيوتنا ونسلمهم فلذات أكبادنا ونحن لا نملك أي خيارات أخرى في ظل واقع نعيشه بهذا الشكل المؤلم!

يتضح من الخبر أن الطفلة خضعت عدة مرات لعملية الاغتصاب ولم تكن المرة الأولى، إلا أن الله أراد فضح هذا القذر وسقط بيد الجهات الضبطية، ولا أستبعد أنه يقوم بهذه الجريمة الشاذة مع فتيات أخريات، وتحت التهديد والوعيد هنّ لا يتحدثن لأهاليهن، هذا أمر آخر يحز في النفس، أن ترضخ فتاة في هذه السن لتهديدات هذا المجرم ولا تفصح لوالدتها منذ أول مرة تحرش فيها، وهذه مشكلة تربوية أبعدت البنات عن أحضان أمهاتهن، وفجوة ثقة كبيرة بين الطرفين. كما يؤكد المشهد على عدم شعور الطفلة بالأمان!

أيضًا، من قراءتي للخبر عن كون السائق يعمل بصورة غير نظامية وما أكثرهم، فيحق لي أن أتساءل عن تلك الحملات التطهيرية التي ساهمت في الحد من هذه العمالة، لماذا لم تستمر؟ وما هي نتائجها؟ شاهدناها كالفرقعة التي سرعان ما جثت وانطفأت! إن هذا الوطن بحاجة إلى حملات دورية تطهيرية تساهم في إبعاد غير النظاميين والمجرمين عن وطننا.

إضافة إلى الجهات التي تتحمل مسؤولية مثل هذا الحادث يجب أن نصارح أنفسنا أن وزارة التربية والتعليم تتحمل كثيراً من المسؤولية، فأين مديرة المدرسة وحارسها، مثل ما إنهم حريصون على ارتداء الطفلة -قبل سن الحجاب- العباءة كاملة، فلماذا لا يكونوا حريصين على سلامتها والتأكد من أنها لا تصعد إلى سيارة أو حافلة غير آمنة، ولماذا مثل هذه الحافلات التي حصلت فيها حادثة الطفلة لم تطلب المدرسة صورة الإقامة والرخصة وملكية السيارة وأن معه امرأة من محارمه ترافقه لتوصيل الطالبات؟

مشكلتنا أننا ابتلينا بالاهتمام بالهوامش والقشور ونسينا الأساسيات التي هي قيّم يجب أن لا نتنازل عنها.

بعيدًا عن هذا كله، أعود لما رددته في عشرات المقالات ألا وهو نظام مكافحة التحرش الذي ما زال مدفونًا داخل أدراج الشورى، نريد من مجلس الشورى الموقر أن يظهر لنا ويتحدث بصراحة عن عوائق ظهور هذا النظام، فوالله إن هذه الطفلة وغيرها من الأطفال والنساء ممن يتعرضون للتحرش الذي قد يؤدي بعضه إلى الاغتصاب، أن ذنب ما يحصل لهم هو في رقبة كل متخاذل عن تفعيل نظام التحرش الجنسي، فلو تم تفعيله لن تخاف تلك الطفلة من أن تبوح ببداية تعرضها للتحرش وقبل وقوع الاغتصاب، ولن يدفنّ النساء رؤوسهن خوفًا من عدم وجود من يأخذ لهنّ حقهن.. ها نحن ننتظر وقد تم اغتصاب الطفلة ذات الثمان سنوات، والقادم أكثر وجعًا!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب