لماذا لا نستغل حادثة الدالوة بالأحساء لتكريس اللحمة الوطنية بالأفعال لا بالأقوال؟

محمد المسفر

حادثة قرية الدالوة بالأحساء التي ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء نتيجة غدر وخيانة لبعض الجناة المتشددين الذين فهموا الدين بالخطأ من قبل أعداء الأمة والوطن، وان من أهم عوامل تكريس هذه الأعمال المخالفة للشرع والدين والخلق السوي هو الشحن الديني والمذهبي الذي لا يهدي إلا إلى الفجور وسفك الدماء والتشدد والفرقة. ولكن هذه الحادثة جاءت بعكس ما كان يخطط له الأعداء، كانوا يريدونها حادثة للفتنة والتناحر لأبناء الوطن الواحد وإحداث الفرقة والشحناء والبغضاء، لكنها جاءت بالاستنكار والشجب والوقوف صفاً واحداً مع القيادة والوطن لحمة واحدة لا تفرقها الحوادث المفتعلة ولا الأيادي المجرمة الحاقدة التي قد تستقي بعض أجنداتها من الخارج.

إن أهالي قرية الدالوة ومحافظة الأحساء ضربوا أروع المثل في الوطنية الصادقة والالتحام الوطني في نسيج واحد لا تفرقه الحوادث ولا مكيدة الأعداء. وقد طاب لكل مواطن مخلص وغيور على دينه ووطنه أن يتفرج بفرح وزهو على صدى هذه اللحمة الوطنية عندما يرى سمو وزير الداخلية يعزي أسر الضحايا ويواسيهم في مصابهم ومصاب الوطن وكذلك أسر رجال الأمن، ويزور المصابين من المواطنين ورجال الأمن البواسل، والمواطنون يستنكرون هذه الحادثة ثم تختتم هذه الوقفة الشجاعة بزيارة تضامن وتعزية من مشائخ وأهالي الأحساء لأسرة أحد شهداء الواجب بحائل لتحبط مخططات الأعداء الذين يريدون تفتيت اللحمة الوطنية، وإزاء هذا كله فقد خابت الفتنة وانتصر الوطن. وما دام الوطن وقف كله في وجه مخططات الأعداء واستنكر أفعالهم المشينة من أبنائه الذين جرهم الشيطان والفكر الضال الذي يستهدف الوطن ومقدراته، أليس بمقدورنا أن نعيد التفكير في كل ما هو قائم لدينا ونستغل هذا التلاحم من خلال هذه الحادثة ودراسة أسبابها ومسبباتها، ثم نبدأ ثقافة جديدة في الحوار واللحمة الوطنية ونكرس من زيادة الوعي الثقافي والاجتماعي لما يحدق بنا من مخاطر لتقويض لحمتنا الوطنية وتخريب نسيجنا الاجتماعي القائم على العلاقات الاجتماعية والأسرية والمصير المشترك مهما تعددت ثقافتنا ومشاربنا سنة أو شيعة، كلنا أبناء وطن واحد عشنا مئات السنين في تواد وتراحم ولم يستطع أحد أن يفتت هذه اللحمة. لذا على وسائلنا الإعلامية دور كبير وعلى وزارة الشؤون الإسلامية دور أكبر في ضبط خطباء المساجد عن الخطاب التكفيري والهجوم من خلاله على الآخرين ومعاقبة المخالفين، فالمسألة تتعلق بالوطن والأمة ولا يمكن مجاملة أحد على حساب ذلك. ولقد أثلج صدورنا خطب الأئمة في الجمع التي أعقبت الحادثة، فيا ليتها تستمر على هذا الخط السوي الذي يجمع ويؤلف ولا يفرق. وختاماً يجب أن تكون هناك وقفة صادقة من الجميع حتى لا تتكرر هذه الحوادث وتنال من وحدتنا، فنحن أمة مباركة معتزة بدينها وقيمها ونحن خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.