23-11-2014

قانون تجريم الطائفية

توالت المقالات والتغريدات والتحليلات منذ لحظة اندلاع حادثة الدالوة في الأحساء، جميع هذه الأصوات تستنكر ما بدر من عصابة مرتزقة، استخدمت كأداة لأجندات خبيثة سواء كانت خارجية أو داخلية، وذلك من أجل تشريح الجسد الوطني واغتياله. إن تلك العصابات لن يهدأ لها بال قبل أن تمتع ناظريها بتدفق أنهار الدم في بلادنا كما يرونها في دول الجوار، حيث تلطيخ سمعة الهوية العربية والإسلامية في أوجها.

لقد كان يوم حادثة الدالوة يوماً طائفياً بامتياز من ناحية التوقيت، وثبت للجميع أن هناك رؤوساً للتحريض والفتن الطائفية حان قطافها واقتلاعها، قبل أن يتفتق ذهنها المتقد والمشحون بالحقد والتمييز عن ابتكار أحداث وفتن أخرى، الوطن في أمسّ الحاجة في الوقت الحالي لأن يتحاشاها ويكافحها، وذلك من أجل الحفاظ على الأمن والسِّلم الأهلي، وتحصين النسيج الاجتماعي القائم بأجمل اللمسات التي تبقيه زاهياً، نقياً وبعيداً عن الملوثات والتشويهات التي ضربت نسيج المجتمعات المجاورة.

على الرغم من فعالية السياسات والاستراتيجيات المتبعة في السابق لمكافحة الإرهاب والتمييز الطائفي ضد أي فئة أو فريق يحاول المساس بالسِّلم والأمن الوطني، من سياسة الملاحقة الأمنية لهؤلاء المجرمين بمختلف تنظيماتهم، إلى انتهاج سياسة منع الخطباء والأئمة من التحريض الطائفي على المنابر الدعوية والمساجد وغيرها..، ولكن نجد أنّ هؤلاء المحرضين ما زالوا يخترقون ذلك النسيج الاجتماعي ويتغلغلون فيه فبعضهم لا يعي أخطار ما ينشره من تحريض وفتن.

هناك منابر دعوية عديدة تتجاهل التعاميم والتوجيهات التي ترسل إلى الأئمة والدعاة وتدعوهم للتوقف عن التحريض الطائفي، ولكن يستمرون في خطاباتهم التكفيرية والطائفية التحريضية. هذه التصرفات من بعض الفئات المجتمعية غير المنضبطة والتي قد تحرض على الطائفية بدون أن تعي مخاطرها وآثارها على اللحمة الوطنية، يجب أن يكبح جماحها سواء كانت واعية لنتائج أفعالها أم غير واعية.

لقد عطّل مجلس الشورى منذ أكثر من عام مشروعاً لتجريم الطائفية والقبلية والمناطقية في المجتمع السعودي، ويحمل المشروع اسم «مشروع الوحدة الوطنية»، حيث تقدم به أحد الأعضاء في المجلس، ولكن لم يتم عرضه في الجلسة العامة. ونقول نحن الآن في أمسّ الحاجة لاستصدار قانون يجرم الطائفية، هذا القانون يعتبر من يمارس هذا النوع من التمييز مجرماً ويحاكم أمام القانون، ولن يجرؤ الكثيرون على اختراقه. إن استصدار هكذا قانون يعتبر في هذه المرحلة من تاريخ الأمة الإسلامية والعربية، شعلة تنير درب الأجيال القادمة للعيش في جو من الوفاق الوطني.

مقالات أخرى للكاتب