من رواد تعليم الكتاتيب في السدير

المعلم فوزان بن هديب القديري (1) (1280 - 1390هـ)

هو فوزان بن هديب بن عبدالله بن فوزان بن هديب القديري، ولد في بلدة الداخلة سنة 1280هـ وترعرع فيها وأدخله والده، رحمه الله في مدرسة عبدالمحسن بن فتوخ لتحفيظ القرآن الكريم في روضة سدير، فتعلم فيها القراءة والكتابة وواصل دراسته في هذه المدرسة حتى تخرج منها حافظاً للقرآن الكريم.

وكان جده لأمه إبراهيم بن مهنا، طالب علم أخ لأمير الداخلة محمد بن مهنا، وعمه عبدالله بن مهنا، فصار يقرأ عليه في بعض الكتب كتب التفسير ورياض الصالحين والفقه، وكان زاهداً ورعاً قانعاً بفضل الله عليه بعد تخرجه من مدرسة عبدالمحسن الفنتوخ، في روضة سدير.

ذهب إلى جلاجل حيث تزوج ابنة رجل فاضل من أهل جلاجل هو عبداللطيف العبداللطيف من حفظة القرآن الكريم، وإمام مسجد فأنجبت منه بنتين وولدا، بعدها توفيت، رحمها الله تعالى، ثم تزوج بعدها بنتا من المعيوف ولم تدم طويلاً معه، بعدها تزوج ابنة أحمد بن فوزان الغنيم، من أعيان أهل جلاجل وبعد فتح الرياض سنة 1319هـ، وبعض مناطق الجزيرة منها سدير سنة 1321هـ سافر إلى الرياض سنة 1322هـ لطلب العلم فقابل الشيخ عبدالله بن محمد بن عبداللطيف، رحمه الله، وأخبره بأنه يرغب في مواصلة دراسته فأذن له الشيخ بذلك، وصار من طلبة العلم في الرياض، وليس معه حين سفره إلى الرياض من النفقة سوى ريال واحد وليس لطلبة العلم آنذاك ميراد رزق يعينهم على العلم والتفرغ له أثناء دراستهم، فاشترى هو وزميل له من طلبة العلم همال نخل فيه تمر ورطب بأربعة ريالات، دفع فوزان منها الريال الذي معه وسلفه زميله ريالاً آخر، وبعد فترة باع زميله الحطب واستوفى رياله الذي سلفه لزميله فوزان من قيمة الحطب؛ فصارا يخرجان لهذا النخيل ويخرفان من البسر ويخللانه ويأكلانه حتى طاحت العين فيه أي أن التمر استوى ونضج، ثم بدآ يأكلانه تمراً ناضجاً، وكان لهما وجبة غداء في يوم الخميس من كل أسبوع عند مأمور بيت المال حمد بن فارس، رحمه الله، وكان بيته في سوق الديرة عند قصر الحكم بالرياض ثم انتقل إلى الوسيطاء بعد ما بدأ العمار فيها ومكث في الرياض قرابة سنة.

بعد ذلك استأذن المترجم فوزان القديري- رحمه الله- الشيخ عبدالله بن محمد العبداللطيف- رحمه الله- بالعودة إلى أهله في سدير فأذن له الشيخ بالسفر إلى سدير، وكان- رحمه الله- قد وفر قيمة تمر الهمال للعودة إلى أهله في سدير، وكان في ذلك الوقت يكون السفر على الأقدام أو على حمار أو جمل، فلما وصل إلى سديركان الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، قد عين قاضياً في سدير وكان علمه متنقلاً بين مدنها الكبار جلاجل والمجمعة والروضة والحوطة.

وكان الشيخ هو المسؤول عن شؤونهم المدنية والتعليمية فألزم الشيخ عبدالله العنقري المترجم بتعليم أبناء جلاجل والروضة والداخلة وأذن له بالوعظ والإرشاد.

وكان رحمه الله يركز على التشهد الأول في الصلاة حيث إنه واجب ويركز على التشهد الأخير حيث إنه ركن لا تصلح الصلاة إلا بالإتيان به، بعد ذلك عين الشيخ عبدالله العنقري الشيخ عثمان بن إبراهيم بن سليمان قاضياً للأرطاوية، فأرسله معه ليقوم بتدريس أبناء الأرطاوية وكذلك أرسل معهما علي بن زيد الغيلان إماماً لجامع الأرطاوية.

وبعد وصولهم إلى الأرطاوية كلف المترجم فوزان القديري مؤذنا لجامع الأرطاوية والتزم بذلك بالإضافة إلى قيامه بتدريس أبناء الأرطاوية. وكان من تلاميذه: بندر بن فيصل الدويش، وعدد كثير من أبناء الأرطاوية.

وعين الشيخ علي بن زيد قاضياً في الأرطاوية في أول حكم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، وإماماً لجامعها فأمره الشيخ علي بن زيد الغيلان بفتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وأمره أن يكون مؤذناً في ذلك الجامع.

وفي ليلة مظلمة ذهب للمسجد يؤذن الأذان الأول لصلاة الفجر وكان يؤذن على سطح المسجد بدون حجا، وعندما ترجل للأذان حدث منه حركة للخلف سقط على أثرها من سطح المسجد في حفرة عميقة في وسط المسجد كانت محفورة ليؤخذ منها ما يحتاجه البناء من لبن وطين، وفي الحفرة حصى متناثرة كانت روافد يصعد عليها عمال المسجد وينزلون عليها، فحصل له كسور ورضوض ألزمته الفراش، وكان ابنه عبدالله زائراً له في تلك الفترة قادماً من مزرعتهم في الأرطاوية فأقام عنده يمرضه ويستقبل زواره ولما تماثل للشفاء قدم عليه أب زوجته أحمد بن فوزان النعيم ليتشافا له ويأخذ ابنته عنده حتى يتعافى زوجها.

بعد ذلك استأذن المترجم فوزان الشيخ علي بن زيد الغيلان للسفر إلى جلاجل فأذن له، وعندما وصل إلى جلاجل واصل طلب العلم على الشيخ سليمان بن محمد الجمهور، الذي عُيّن قاضياً في جلاجل بأمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمهم الله، فكلفه بالتدريس في جلاجل أو روضة سدير فاختار جلاجل فصار يدرس فيها حسب أمر الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري وعيّن ابنه عبدالله بالتدريس في روضة سدير وهو صغير السن في ذلك الوقت وكان يدرّس أبناء جلاجل ويحفظهم القرآن الكريم ويعلمهم القراءة والكتابة في ألواح من الخشب والحبر من الفحم المطحون ومخلوط من بعض المواد من حمضيات وصمغ. فاستمر يدرس أبناء جلاجل بدون مرتب أكثر من ستين سنة ويصلي بالجماعة في مسجد الحدراني وعائش على الكفاف وما يحصل له من الأوقاف على المدرسة وعلى المسجد وباقي معيشته من ريع نخله في العطار ومجهوده ومساعدة ابنه عبدالله الذي يعلم أبناء روضة سدير والذي انتقل للعمل في جدة مع الهجانة ووفق في المصالح هناك في ذلك الزمن.

بعد ذلك عاد ابنه من جدة إلى روضة سدير لتعليم أبناء روضة سدير واستمر في التدريس في مدرسة الروضة حيث رغب والده فوزان ليكون قريباً منه وفي مهنة تعليم القرآن الكريم، وكان المترجم رحمه الله وابنه عبدالله متعاونين يتزاوران ويتناصحان.

وكان المترجم، رحمه الله، يعمل واعظاً ومرشداً في القرى وينتقل عند الفلاحين يطلب منه تعليم أولادهم الصغار وينصح كل أحد بذلك، ومن الدارسين عليه حفظاً للقرآن الكريم:

1- الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الأحيدب.

2- الشيخ إبراهيم بن محمد فايز.

3- الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز الواصل.

4- الشيخ محمد بن عبدالعزيز الواصل.

5- الشيخ عبدالله بن محمد الغانم.

6- الشيخ محمد بن عبدالله بن الأمير.

7- الشيخ محمد بن عبدالكريم السليمان.

8- الشيخ إبراهيم بن أحمد النغيمش.

9- الشيخ أحمد بن عبدالعزيز السلمان.

10- منصور بن محمد بن منصور الخميس.

11- محمد بن منصور بن محمد الخميس ابن المتقدم.

12- الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن العامر.

13- الشيخ محمد بن عبدالعزيز السبيعي.

14- الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز السبيعي.

15- الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم الفايز.

16- الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم الواصل.

17- أحمد بن منصور العمران.

18- محمد بن عبدالرزاق السعيد.

19- ابنه عبدالعزيز بن فوزان القديري.

وعدد كثير من أبناء جلاجل من أولاد الضويحي والتركي والسويد والحمد والفايز والواصل والعمر والثاقب والمعيوف والمزروع والخريف والسرهيد والشريهي والحناكي والعبداللطيف والعبيد والحدبان والعيد والرشيد والغيلان.

ولما افتتحت المدرسة الحكومية بجلاجل سنة 1368هـ انتقل الدارسون من كُتّاب المترجم فوزان القديري رحمه الله إلى المدرسة الحكومية حيث يصرف لهم كتب وأقلام ودفاتر مما شجعهم على تركهم الكُتّاب واعتذر المترجم، رحمه الله، عن التدريس في المدرسة الحكومية نظراً لكبر سنه.

بعد ذلك رحل إلى قرية العليا واستقر بها قرابة السنوات الخمس، بعد ذلك رحل إلى الرياض وسكن في دخنة قرب مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وكان ملازما لمجلس الذكرعن الشيخ رحمه الله، في آخر دفعات طلبة العلم عنده.

عقبه

له من الأولاد عبدالله وعبدالعزيز وله بنات، ومن أحفاده الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض، وله أحفاد كثيرون ذكوراً وإناثاً وصلوا مراحل عليا في التعليم ومزاولة الأعمال، وكان رحمه الله محبوباً جداً عند الجميع ومعارفه حبوه في الله وحبَّهُم كذلك ولا تزال علاقة محبيه حتى الآن وأولادهم وأحفادهم وخاصة الدارسين عليه.

وفاته

توفي في سنة 0931هـ رحمه الله تعالى، وبارك في عقبه.

** ** **

الهوامش:

(1) مفرده من كتابنا (طلبة العلم ومعلم ومعلمات الكتاتيب في جلاجل)

الباحث والمؤرخ/ عبدالعزيز بن محمد بن سليمان الفايز - جلاجل - سدير