متعب والهيبة سعودية

د. طلال بن سليمان الحربي

ليست وصفاً ولا تعبيراً عن حالة, بل هي حالة بحد ذاتها اسمها هيبة الدولة السعودية التي تعطي دلائل عديدة حين يرسخها رجالات الدولة في حلهم وترحالهم وتنطبع تلقائياً على كافة أبناء المملكة أينما كانوا, وهيبة الدولة مصطلح يقصد بها تثبيت لغة الاحترام في التعاملات المتبادلة بين الشعوب نتيجة لعلاقات اخوية ومصالح مشتركة تجمعهم حاضراً أو مستقبلاً.

متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني الجندي من مدرسة عبدالله بن عبدالعزيز حفظهم الله جميعاً, هذه الشخصية المتقدة المركبة من نماذج عديدة كلها تعطيك الانطباع بأنك أمام شخصية متوازنة قوية مطلعة, في زيارته الأخير للولايات المتحدة والتي أتت في وقت تقوم المملكة فيه بدور كبير ومهم للغاية في حماية الحرية وكرامة الانسان العربي والمسلم, دور المملكة النابع من سياستها في العمل من أجل الاستقرار والسلام العالمي وبناء القواعد السليمة للتعامل بين الدول على أسس العدالة والحق, زيارة وزير الحرس في هذا التوقيت بالذات أتت بطابع سعودي بحت وضمن الاجندة الوطنية الخاصة بالمملكة, هي زيارة رسمية للحرس الوطني الأمريكي كنوع من علاقات متبادلة بين المؤسستين في الدولتين, لكنها زيارة عائلية أيضاً حيث كان لبرنامج متعب حديث في هذا المجال.

لقاء متعب -حفظه الله- مع أبناء وبنات الوطن المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة هي زيارة عائلية بين أخ لإخوانه وأخواته, تحفيزاً لهم وتشجيعاً لمزيد من الاستفادة والتعلم لخدمة الوطن لاحقاً, لقاء الأمير مع هؤلاء النخبة وتلك الأحاديث والاستماع لهم يرسم صورة هيبة الدولة لتكون الهالة التي تحيط بأبنائنا حيثما كانوا وتفرض احترامهم على الدول التي يتواجدون فيها, متعب حتى في حفل الاستقبال الرسمي كان له حضورا بهيبة متميزة حين اشرفت سفارة المملكة على هذا العشاء وكان الآخرون ضيوفاً بحضرة الأمير وزير الحرس الوطني.

الفكرة ليست في ترتيبات الحدث بل فيما حمله من رسائل ودروس, الحرس الوطني السعودي مؤسسة عسكرية متميزة نالت الاحترام والتقدير من قرنائها في العالم كله وبالأخص في أمريكا لما تتمتع به من قدرات فائقة والتزام بالنهج الوطني الدقيق, والكلمة التي ألقاها الأمير ارتجالياً تعطي الانطباع في قلوب الأصدقاء الأمريكان أنها من القلب ومن القناعة دون ترتيب مسبق, هذه هي لغة الكبار لغة رجالات الدولة الذي يفرضون هيبة دولتهم على الأخرين, الفرض ليس بالقوة فقط بل بالإقناع الصحيح أيضاً, الأمريكان أصدقائنا ومتعب أكد على ذلك ولكنه أكد على أنها علاقة متوازية لا رئيس ولا مرؤوس فيها, الهدف هو خدمة الصالح العام وحماية المصالح الوطنية وتأكيدا لرسالة سيدي خادم الحرمين الشريفين بأن أمن المملكة يبدأ من أمن الأشقاء العرب والإخوة المسلمين وأن هذه العملية لابد وأن تكون منسجمة مع الطابع الإنساني العام.

الرسالة الأهم التي علينا جميعاً الالتزام بها أنه إن أردت أن يحترمك الآخرون فاحترم نفسك أولاً, هذه هي لغة متعب في تعامله كرجل دولة وقائد وجندي من جنود الوطن وأبي متعب.. القوة الحقيقية ليست بالعدة فقط بل قناعتك بأنك لست ضعيفاً أولاً؛ درس جديد قدمه متعب في الوطنية والتمثيل المناسب لدولته وشعبه وقائده.