الأحساء تستحق اعتراف اليونسكو لما تمتلكه من روائع تاريخية قيمة

نشر خبر في صحيفة الجزيرة في عددها رقم 15391 عن ترقب محافظة الأحساء اعتماد مواقعها الأثرية والتاريخية بواحة الهفوف وإدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية الذي تديره اليونسكو . وتتمتع محافظة الأحساء بالعديد من الثروات السياحية وتزخر بالعديد من المواقع الأثرية والتاريخية والتي يعود بعضها إلى ما قبل الميلاد بستة آلاف سنة. وتعدد المواقع الأثرية بالأحساء إذ يبلغ عددها 77 موقعاً مسجلاً لدى هيئة السياحة والآثار حتى الوقت الحالي، وتوزعت ما بين حاضرة الأحساء وبعض المواقع التابعة لها ومنها العقير ويبرين وجودة والحني وبقيق وعريعرة والخن والحفاير. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، قد أعلن موافقة المقام السامي الكريم على طلب الهيئة تسجيل (10) مواقع في قائمة التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو خلال السنوات المقبلة، ومن هذه المواقع المرشحة واحة الأحساء. وتتميز المحافظة بالعديد من المواقع الطبيعية والتاريخية ومن ذلك التلال، والمباني، والمساجد، والموانئ وأربطة العلم والمدارس والقرى التاريخية والقصور والقلاع ، والمعالم الأثرية.

وقد سبقت هذه الخطوة المشكورة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، إذ شاركت أمانة الأحساء العالم الماضي في ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث في المدينة المنورة، وقد كرمت أمانة الأحساء بوصفها راعياً بلاتينياً للملتقى.

وكانت مشاركة الأمانة في ورش عمل الملتقى عبر ورقة عمل أيضاً عن «تأهيل وتطوير وسط مدينة الهفوف التاريخية» قدمها أمين الأحساء المهندس عادل الملحم، الذي أكد سعي الأمانة إلى تطوير وسط الهفوف التاريخي وما ضمه هذا المشروع السياحي الهام من مشاريع، كإعادة بناء سوق القيصرية، ودروازة السوق وإنشاء سوق الحميدية، وتطوير شارع الحداديد، وبناء سور الكوت القديم، والبدء في إنشاء سوق الحرف التقليدية، وغيرها من المشاريع الأخرى التي تعنى بالحفاظ على تراث الأحساء العمراني.

وعلى أهمية هذا المشروع فكثير من مناطق الأحساء زاخرة بتراث عريق ضارب بعمقه في تاريخ المملكة، فعلى رغم كثرة المجمعات التجارية الحديثة المنتشرة في معظم مدن محافظة الأحساء وقراها، إلا أن الأسواق الشعبية القديمة التي ارتبطت أسماؤها في أيام الأسبوع، لا تزال تستقطب جمهوراً واسعاً من المشترين، وحتى الزوار الذين يطوفون فيها لمشاهدة البضائع الجديدة.

وتحمل هذه الأسواق مسميات بحسب الأيام التي تنعقد فيها، فهناك «سوق الخميس»، و»السبت» و»الأحد». وغالباً ما تعرض في الأسواق منتجات القرى اليدوية أو الزراعية، ويقابلها الإنتاج البدوي، الذي ارتبط بالإنتاج الحيواني، مثل السمن أو الصوف؛ إذ كان البيع والشراء يتم بالمقايضة قبل انتشار العملات الورقية والمعدنية. وتعتبر محافظة الأحساء من أكثر المناطق التي تنتشر فيها هذه النوعية من الأسواق، لتميزها الزراعي، وقربها من البحر، وارتباطها بالصحراء، لتكّون هذه الأسواق مزيجاً مصغراً للبيئة المحلية.

وتعتبر سوق الاثنين من أقدم أسواق الأحساء، باعتبارها مركزاً ونقطة التقاء بين طريق ميناء العقير السابق، والمناطق الأخرى الداخلية، ومنذ أكثر من 300 سنة كانت البضائع تأتي من كل الاتجاهات، وبخاصة الحاجات الأساسية، مثل الرز والقهوة والبهارات والأسماك المجففة، وبعض الملابس. إلا أن الزبائن كانوا محدودين جداً، بسبب الشراء بالأجل، حتى يحين موسم «صرام» التمر، أو العودة من البحر بالنسبة للغواصين الباحثين عن اللؤلؤ، وبخاصة إذا لم تكن هناك بضائع أخرى للمقايضة.

ويدل على أهمية السوق في تلك الفترة وجود مظلات مصنوعة من عذوق النخل وليفه، ما يعني الاستقرار. وكان هناك متعهدون يأتون بـ»العماريات»، وهم يمثلون مناطقهم، ويقومون بتوزيعها في السوق، مقابل بعض النقود، أو المستلزمات الاستهلاكية الأخرى.

كما أوصى فريق عمل شكلته وحدة الآثار بمحافظة الأحساء برئاسة الباحث خالد الفريدة بسرعة توثيق البئر التي تم اكتشافها بالقرب من سوق الذهب وسط مدينة الهفوف، حيث أظهرت الدراسات الأولية للبئر وجود حفريات قديمة وأحجار مختلفة الأحجام على عمق 80 سم ، كما تم العثور على قطع من الفخار تعود لفترة طويلة على عمق 140 سم وحفريات أثرية بالركن الشمالي الشرقي للبئر ، واكتشاف قطع فخارية باللون الأخضر بأحجام مختلفة وقواعد لمبان ترجع لعصور قديمة من الممكن أن تكون آثاراً لمدينة قديمة تم طمرها في نفس الموقع ، كما تم العثور على بقايا عظام تم دفنها منذ فترة سحيقة ، ويبلغ قطر البئر المكتشفة 70 سم ويصل عمقها في بعض الأجزاء إلى 125 سنتيمتراً .

أيضاً اكتشفت وحدة الآثار التابعة لإدارة التربية والتعليم بئراً للماء في منزل البيعة بمدينة الهفوف أثناء العمل القائم في ترميم المنزل الذي تساقطت منه بعض الأجزاء، مما استوجب ترميمه للحفاظ عليه كأثر تراثي مهم بالمحافظة، بالنظر إلى أنه منزل سكنه المؤسس العظيم الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله ـ أثناء دخوله لمحافظة الأحساء في الخامس من شهر جمادى الأولى لعام 1331 هـ .

وهناك أيضاً مسجد جواثا ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصر إبراهيم الأثري في شمال الكوت الذي كان المقر الرئيس لحامية الدولة العثمانية، وقصر صاهود الأثري في حي الحزم وسط مدينة المبرز ثاني أكبر مدن محافظة الأحساء، وقصر محيرس، وقصر أبو جلال، وقصر العبيد.

إن الأحساء منطقة كشف أثري تمتلك الكثير وما زال لديها المزيد، وكلنا تطلع إلى انضمامها قريباً إلى قائمة المدن التاريخية في اليونسكو.

عيسى علي حسين - الأحساء