25-11-2014

عمرو بن كلثوم يفتك بنا

تحتاج الكتابة عن شاعر ناري كـ (عمرو بن كلثوم) إلى منهجية محددة في الكتابة، ومنطلق واضح يتجه نحو الهدف وإلى قيم فنية عالية تجعل من الدهشة والتشويق والمفاجآت والتكوينات البصرية ناقلات للمضامين بلا تكلف ولا تصنع، هذا منطلق محاولتي في الكتابة المسرحية عن هذ الشاعر الجاهلي المتوقد التي تشرفت بها لصالح حفل افتتاح سوق عكاظ في أواخر شهر صفر الحالي.

لم أتقيد بالصورة الذهنية المطبوعة في الذاكرة العربية عن هذا الشاعر، ولم أعمد في كتابة نص عمرو بن كلثوم إلى تتبع حياته وشعره، ولم أكتب نصا توثيقيا يتكئ على المرويات التاريخية، فهذا ليس شأن الكاتب المسرحي، فأنا في مهمة فنية / مسرحية وليس راوية أو مؤرخ أو محقق.

كتب عمرو بن كلثوم الثاني الذي ملأ الأرض العربية صخبا وانفعالا وعاطفة دون أن يضع للسياسة مكانا أو يبتكر للكياسة أسلوبا أو يجعل من التفاوض قيمة أو يؤكد الصبر عنوانا أو يقيم للإنسانية معنى، ففي عصر المعرفة لا يعرف عمرو بن كلثوم الثاني إلا تلك (الفتكة) التي ذهبت طريقة مثلى يستدعيها من أعماق التاريخ لحل مشكلاته.

أما معلقته النونية الشهيرة فهي خط الكتابة الرئيس من خلال (التحاور) معها مفككين قيمها التي تخص فكرة العرض، وأثر هذه القيم على الإنسان العربي في الوقت الحاضر، وبيان وجه الشبه بين عمرو بن كلثوم وبين أجياله اللاحقة من حيث العاطفة والفتك والقتل.

النص الذي تلبسني لعدة أسابيع ضمنته إحدى جدليات المسرح بين: مسرح أرسطو (الإيهام) ومسرح بريخت (التغريب) ووظفت هاتين المدرستين المتباينتين في فكرة المسرحية التي تدور حول تقمص العربي لعاطفة عمرو بن كلثوم أو قدرته على كسر هذا الحاجز والاتجاه نحو العقل.

واستدعيت عمرو بن كلثوم الجاهلي للعصر الحالي، باستخدام قواعد (اللعبة المسرحية) من خلال جدلية (الملحمة والإيهام) عند برخيت وعند أرسطو، ليكون عمر بن كلثوم حاضرا بيننا، وذلك حين يتنحى به أحد شخصيات المسرحية جانبا إلى منطقة صحراوية لا يوجد بها سوى الباحث وعمرو بن كلثوم والمقرر الذي يسجل النتائج الإيهامية ويتداخل بأسئلة جانبية، في حين الباحث يتحاور مع المعلقة من خلال عمرو بن كلثوم ذاته، لإثبات (فرضية) أن عمرو بن كلثوم لم يمت، بل موجود في عالمنا العربي بصور مختلفة سواء على مستوى السياسة أو العلاقات الاجتماعية أو في قنوات التواصل الإجتماعي، بشكل لم يستطع أن يتخلص من تأثيرها، رغم كل المحاولات والظروف الزمكانية المختلفة.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب