25-11-2014

أن تكون حالماً

فاصلة :

((نحن لا نكسب شيئاً إذا تركنا الآخرين يروننا كما نحن، مثلما لا نكسب شيئاً إذا حاولنا الظهور على غير ما نحن))

- حكمة صينية -

المثالية وهْم جميل عشناه أطفالاً، فلما كبرنا لم نعرف كيف يمكن لنا في مجتمع إنساني طبيعي أن نعيش مثاليين!!

أن تكون مثالياً معناه أن تظل حالماً وبالتالي تتقبل الصدمات واحدة تلو الأخرى... أن تكون مثالياً، فأنت تمارس نوعاً من السذاجة في فهم الواقع والتعايش معه... أن تكون مثالياً يعني أن تبالغ في وصف وتقديس الواقع الذي لا بد لك من كشف الستار عنه.

هنا لا أتحدث عن المثالية كفلسفة لكن عنها وفق تعريفها البسيط في بعض قواميس اللغة بأنها «مبدأ في الحياة ونهج يتخذان الحقائق السامية مثلاً يستهدى به ويبتعدان بالإنسان عما يشد به إلى الأرضيات»

نعم المثالية هي بالضبط الخطأ الذي يقع فيه بعض التربويين، حيث ينتهجون التربية المثالية في تنشئة الأطفال فيكبرون ليعيشوا المثالية في مجتمع ليس مثالياً لأنه مجتمع طبيعي، ولأنّ المثالية لا تتجسّد في الواقع كما تتجسّد في القيم المزروعة في الوجدان.

ولذلك يصابون بالإحباط ونقص الثقة في النفس فأفكارهم دائماً مؤطرة بالكمال حتى في تعاملهم مع ذواتهم.

المثالية تعني أن تفترض الكمال... تخاف من الخطأ الذي يصاحبك لأنك تتوجّس فتقلق فتخطئ!!

المثالية يعني ألا تتسامح مع نفسك تجاه أي خطأ وهو ما يجعلك تدور في فلك تأنيب الضمير، لأنك حتماً ستخطئ وفق القواعد البشرية الطبيعية، وبالتالي لا تؤمن بحقك في التعايش مع الصفات البشرية غير الملائكية، وممارسة الحياة كأي إنسان له مزايا وعيوب، حسنات وسيئات..

المثالية هي وهْم ابتدعه الفلاسفة ولم يستطيعوا أن يثبتوا واقعيته، لكننا تفننا في ممارسته لنظل حالمين بعيداً عن الواقع

إذا كنت مؤمناً بأنك شمعة تحترق لتنير الطريق للآخرين، فدعني أعزيك في ذاتك فأنت ضحية وغالباً الضحية لا يكون سعيداً وسوف تحترق يوماً بدلاً من الشمعة.

فكرة المثالية أشبه بالثقل الذي نحمله على أكتافنا ونظل نسير به، في البدء الثقل يُحتمل لكننا نكبر ويزداد الثقل فننهك وما من معين بعد الله سوى أنفسنا.

إذا أردت أن تستمتع بالحياة، انفض غبار المثالية عنك وعش الواقع كما هو وليس كما أخبروك عنه.

nahedsb@hotmail.com

nahidbashatah@

مقالات أخرى للكاتب