Issue   العدد

فضيحة الجنود الفضائيين!

لم نقل عن حالة الجيش العراقي إبان رئاسة نوري المالكي لرئاسة الوزراء ما قاله الرئيس الحالي حيدر العبادي، وهو من نفس حزب المالكي ومن مذهبه أيضاً، وإلا لاتهمنا حينها بما اعتاد المالكي أن يدعيه عن ساسة وإعلام المملكة، فقد أفصح الرئيس العبادي بما لا يمكن تصديقه أو توقعه ممن يتولى مسؤولية أعلى سلطة بالدولة كائناً من كان، لولا أن من كان يتولى وزارة الدفاع آنذاك بالإضافة إلى رئاسة الوزراء هو شخص عميل إيران نوري المالكي.

***

فقد ارتمى المالكي في أحضان إيران، وأدار ظهره للعرب، مثله مثل كل العملاء، وتفرغ لإعدام واتهام والزج بالسجون للشرفاء من أبناء وبنات العراقيين، وتحديداً للسنة منهم، معتمداً على قوانين هي من تدبيره وصنعه، وعلى محاكم تم تشكيلها من أشخاص يتمتعون بمواصفاته وعقليته وسياساته ويأتمرون بأمره، فإذا بالفوضى تعم البلاد، والإقصاء لا يستثني أحداً من الرموز العراقية الخيرة في جميع المراكز القيادية في عراقنا المختطف.

***

لقد بُلي العراق في فترات من تاريخه ولازال بهذا النوع من القيادات، وكأن قدر شعبه أن يكون على هذا الصفيح الساخن من القهر والظلم، وأن تكون خيراته مطمعاً وهدفاً لفئة من الساسة المغامرين فاقدي الضمير والوطنية، ممن لا يهمهم إلا زيادة أرصدتهم في البنوك، وملء جيوبهم بالدولارات، دون التفكير بمصالح شعوبهم، أو إعطاء بلدانهم حقها من الاهتمام في بناء اقتصادي قوي وتعليم متطور وأمن يحمي ما تحقق من مكتسبات، ضمن الاستقلالية في القرار، وعدم الارتهان للطامعين في خيراته سواء في الداخل أو الخارج.

***

يقول الرئيس حيدر العبادي - وهو يتحدث عن هذه الفضيحة غير المسبوقة - إن هناك أكثر من خمسين ألف جندي وهمي في أربع فرق عسكرية، وإن الجنود يقاتلون ويقتلون وغيرهم يتسلم الرواتب وهو ما أطلق عليهم (الفضائيون) أي الذين يتقاضون رواتب شهرية دون أن يعملوا أو يقوموا بواجبهم، وإنه تم اكتشاف ذلك خلال تدقيق بسيط، وإذا ما أجرينا - يقول العبادي - تفتيشاً على الأرض فسنرى العجائب والغرائب، مضيفاً بأن أخطر فساد في العراق هو الموجود في المؤسسات الأمنية.

***

وليت الأمر انتهى عند اكتشاف الجنود الفضائيين أو الوهميين، فقد أشار المتحدث باسم الحكومة رافد جبوري، بأن ما جرى اقتصر على بعض الوحدات، حيث تم اكتشاف 50 ألف جندي وهمي، وأن عملية الغربلة مستمرة مع باقي المؤسسات العسكرية، ما يعني توقع المزيد من هؤلاء الذين كانوا يتلقون من نوري المالكي ما يشبه الرشوة، بل إن ظاهرة الفساد ربما تكون قد امتدت إلى جميع مؤسسات الدولة وليس العسكرية فقط، وهو ما يجري الآن التثبت منه.

***

فمن المسؤول عن كل هذه الجرائم الممنهجة إن لم يكن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي تحديداً الذي كان يتولى أيضاً حقيبة وزارة الدفاع؟ ولماذا لا يقدم إلى المحاكمة باعتباره مسؤولاً عن هذا الفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة وبين النافذين في حكومته؟ وبالتالي ما حدث من انهيار للجيش العراقي أمام تقدم داعش هو المسؤول عنه، ألا يستحق ذلك جره إلى العدالة، فهذا سوف يضمن عدم تكرار ما حدث من أي رئيس حكومة قادمة، بل ويضمن العدالة في محاسبة المفسدين والفاسدين دون استثناء، بما في ذلك من يسرق قوت شعبه دون أن يخاف من المحاسبة محتمياً بحزب أو مساندة خارجية.

***

لابد أن نحيّي رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، الذي تحمل مسؤوليته الوطنية، واحترم ثقة شعبه، وأرضى ضميره، بالإعلان عن هذا العمل المخل بالأمانة والمسؤولية التي تورط فيها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وزبانيته، ولعل الرئيس الحالي يواصل عمله باجتثاث بؤر الفساد والمسؤولين عنه، حتى يعود العراق قوياً مثلما كان، بعيداً عن التحزب أو الإذعان لتدخلات إيران وغيرها، فالعراق بعمقه العربي والإسلامي وتاريخه المشرِّف لا يستحق أن يساء إليه أو إلى مواطنيه بمثل ما حدث إبان رئاسة المالكي البائسة للحكومة العراقية.

مقالات أخرى للكاتب