يوسف المحيميد
قبل سنوات تحدث وزير الإسكان السابق، أول وزير إسكان، شويش الضويحي، بأن مشكلة توفير المساكن للمواطنين هي عدم توفر قطع الأراضي، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، وقبله عانى وزراء التربية من تحقيق الحلم الأكبر في التعليم، بالاستغناء عن آخر مدرسة مستأجرة، لكن ذلك لم يتحقق للأسف، استمرت بعض المدارس الحكومية في مدارس مستأجرة لا تحقق أدنى شروط التعليم الحديث، واستمر الإسكان يعاني من عدم وفرة الأراضي، مما اضطر الدولة إلى اقتطاع مساحة جيدة من الجزء الغربي الشمالي من مطار الملك خالد الدولي!
أمام ذلك، وفي أحياء جديدة، شمال الرياض، هناك مساحات تصل القطعة فيها إلى عشرة آلاف متر مربع، مخصصة للتعليم، وبناء مجمعات مدارس، مما يجعل ساكني هذه الأحياء ينتظرون عشرات السنوات، لعل وعسى أن يجدوا - ذات صباح - المقاول ومعداته وعماله بدأوا بناء المدرسة الحلم، لكنهم يفاجأون بلوحة كبيرة تقول إن هذه الأرض المخصصة لإنشاء مرفق تعليمي معروضة للبيع، مما يثير الدهشة فعلاً، فلا الحي تتوفر فيه مدارس حكومية، وليس هناك حاجة إلى بيع أرض حكومية لتجار الأراضي، ولو كان على سبيل المثال هذا الحي ليس بحاجة إلى مدرسة، وهذا غير صحيح أصلاً، فهو بحاجة إلى مرفق صحي، وإلى مرفق ترفيهي يضم ملعباً وحديقة، وإلى مركز اجتماعي يضم نادياً رياضياً لأهل الحي، ومكتبة مثلاً!
للأسف أحياؤنا السكنية هي عبارة عن صناديق صغيرة تُسمى مجازاً منازل، لا يوجد بينها سوى شوارع إسفلتية، فلا يمكن أن تقع عينك على شجر مثلاً، ولا على مسطحات خضراء، ولا حديقة عامة للحي، ولا على مركز ثقافي اجتماعي، ولا على مكتبة، وقبل كل ذلك لا تتوفر في بعضها المتطلبات الأساسية، كمدرسة ومستوصف!
ففي معظم أحياء شمال الرياض لا تتوفر مدارس حكومية، وكأن على المواطن أن يبحث لأولاده عن مدرسة أهلية، تحت تبرير عقابي «من قال لك تسكن شمال الرياض؟» وعلى سبيل المثال، في أحد هذه الأحياء، الذي تصل مساحته أربعة كيلومتر مربع، خُصصت أرضان للتعليم، مساحة كل منهما عشرة آلاف متر، إحداهما مخصصة لابتدائية بنات، تحولت فجأة، وقبل عشر سنوات، إلى مخطط سكني بعدة قطع، تم بيعها، ولا أحد يعرف كيف تم وضع اليد عليها، وتجزئتها وبيعها، دون مراعاة لاحتياجات المواطنين الذين يقطنون هذا الحي، وقبل أشهر تم الإعلان عن بيع الأرض الأخرى، الفارق بين الحدثين، هو الشفافية، ففي الأولى لا نعرف من المالك ولا سبب تنازل التربية والتعليم عن هذه الأرض، وفي الثانية نعرف علناً أن ثمة أرض مرفق تعليمي معروضة للبيع، ولكن أيضاً لا نعرف السبب!