محمد سليمان العنقري
عاد الاقتصاد الوطني للنمو منذ بداية العام الحالي بعد انكماش في العام الماضي بسبب تراجع أسعار النفط وإيراداته والتحوط بالموازنة العامة لمواجهة آثاره لتقليص العجز لأكبر قدر ممكن، لكن العام الحالي بات يمثل بداية دورة اقتصادية صاعدة جديدة مدعومة بعوامل عديدة كارتفاع الإنفاق العام واستقرار أسعار النفط بمستويات ملائمة لتنفيذ خطط التنمية بكافة القطاعات، وتأثير ذلك على عودة نشاط القطاع الخاص وزيادة الطلب الكلي بالاقتصاد.
يبرز العقار من بين أهم القطاعات التي يطالها التأثير المباشر باتجاهات الاقتصاد سواء سلباً او إيجاباً، فقد نشط هذا القطاع منذ العام 2005 م بمعدلات نمو كبيرة جدا، لكن تركزت أغلب حركة السيولة فيه بالمتاجرة بالأراضي والمضاربات عليها وتضاعفت الأسعار عدة مرات حتى العام 2014 م ، حيث بدأ سعر النفط بالتراجع وتبعه لأكثر من عامين فترة مواجهة ضعف إيرادات النفط والتخطيط لإطلاق رؤية جديدة للاقتصاد تحقق نموا مستداما بعيدا عن تاثير تقلبات اسواق النفط وهي الرؤية التي بدأ تنفيذها ببرامج التحول الوطني واصدار العديد من الانظمة والتشريعات ومن بينها تلك التي نظمت قطاع العقار وسوق التمويل فيه مما يعني ان مرحلة انتهت في تاريخ هذا القطاع، وأن التصحيح بالأسعار الذي يعيشه ما هو إلا بداية تأسيس لمرحلة جديدة مختلفة بتوجهاتها وأساليب وادوات الاستثمار فيه.
فإذا كان التصحيح حالة صحية كي تعود الأموال للاستثمار من جديد بهذا القطاع وفق معايير القيم العادلة والجدوى الاقتصادية ومتطلبات الاقتصاد المستقبلية فإن المرحلة الجديدة بمستقبل قطاع العقار يمكن القول انها بدأت فعلياً، فالتوجه بات ليس للمضاربات وبيع الأراضي دون تطويرها بل نحو التفكير بمنتجات عقارية سواء سكنية بمواصفات مناسبة للطلب بالسوق من حيث القيمة والجودة والمساحة، أو التجاري الذي يتغير لمنتجات مختلفة عن تلك التقليدية التي تشبع السوق منها، وهو ما يعني أن الطلب على الأراضي سيعود بقوة لكن « للقطع ذات الجدوى الاقتصادية والتي تتناسب مع المنتجات الحديثة «، أي لن يكون هناك مساحة لعودة حمى المضاربات بل شراء أو شراكات لأجل التطوير بمنتجات عصرية وأفكار حديثة، وسيتماشى ذلك مع نمو الطلب على الخدمات بالقطاعات التي تعد جديدة أو محدودة الحجم بالاقتصاد ويتم التركيز عليها، كقطاعات الترفيه والسياحة او الصناعة التحويلية والخدمات اللوجستية بخلاف السكنية المكتملة الخدمات.
لا يمكن أن يتحقق نمو اقتصادي صحي دون أن يشمل ذلك القطاع العقاري، وهو ما يعني أن مرحلة جديدة بدأت في قطاع العقار مع عودة النمو للاقتصاد ترتكز على أبعاد تنموية وجذب استثمارات للمواقع الملائمة لتلك الافكار التطويرية الجديدة، وستجد مستقبلاً مرونة أوسع بشروط التمويل الاستثماري ودعم بالأنظمة والتشريعات لتحريك عجلة الإنتاج بالاقتصاد باكثر من 100 نشاط يخدم هذا القطاع.