د.شريف بن محمد الأتربي
يعلو صوت الميكرفون في المطار ليعلن النداء الأخير على ركاب الطائرة الذين يتسابقون للوصول إلى البوابة المطلوبة ومن ثم لا يلبث النداء أن يتكرر مرة أخرى ليحدد بالأسماء شخصية ركابًا محددين قد تخلفوا عن الوصول لبوابة الطائرة مما يعيق الطائرة عن الإقلاع ولعل هذا خير مثال لما يحدث حاليًا في وطننا المملكة العربية السعودية من تغيير في جميع مناحي الحياة وكسر الكثير من التابوهات التي كان محرمًا الاقتراب منها بل وحتى مجرد التفكير فيها وقد توارثت الأجيال هذه التابوهات حتى غدت جزءًا من التقاليد بل وصل بعض منها ليصبح جزءًا من العقيدة والمعتقد وكل من حاول الاقتراب منها تم محاربته من قبل فئة لا تريد لهذا المجتمع أن يتقدم أو يتغير لصالح الأجيال القادمة وهذه الفئة الآن حين كشفت نواياها تحولت من الحرب المباشرة للتغيير إلى الحرب النفسية فجل همهم هو ثبط الهمم وإزكاء روح الفشل لكل حدث أو مشروع وهؤلاء لا يمكنك تحديدهم بل هم منتشرون بكثرة في جميع جنبات المجتمع ومع الأسف فهناك من يستمع لهم بل يجد فيما يقولونه حجة لأي عارض يلم بالمملكة وينسون أو يتناسون أننا جميعا أبناء وطن واحد فرحنا واحد وحزننا واحد وان ما يقوم به ولاة الأمر من تغيير وحراك في المجتمع هدفه الأول والأخير وضع المملكة في المكانة اللائقة بها على جميع الأصعدة وجعلها قبلة الراغبين في مطالعة الإنجازات كما هي قبلة أكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم يشكلون 24 في المائة من سكان العالم فما بالك لو استطعنا أن نجذب أكبر عدد ممكن من السكان الباقين من خلال البرامج السياحية والترفيهية والرياضية والفرص الاقتصادية والاستثمار و... فما تملكه المملكة من إمكانات يصعب أن يتوافر لدى دول أخرى تحاول أن تلحق بركب التقدم ولا تملك كل المقومات التي حبا الله تعالى بها المملكة.
وحين أتذكر نداء سيدنا نوح لابنه بالركوب معه ورفض الابن وعصيانه لدعوة الوالد فكان من الهالكين فكل من استمع إلى نداء سيدنا نوح الأخير وركب السفينة نجا وكل من تشبث برأيه وظن أنه سينجو هلك، فنوح عليه السلام كان هدفه من بناء السفينة أن يُغرق الله تعالى الأرض ومن عليها من الكافرين الذين رفضوا الاستماع إليه وتصديق دعوته بل وصل بهم الأمر أن أملوا عليه شروطًا خاصة بهم، ومع اقتراب العام الجديد 2020 وتحقيق المملكة لكثير من أهدافه المنبثقة من رؤيتها 2030، فليكن هذا النداء الأخير لكل أبناء الوطن اركبوا معنا سفينة الوطن لبحر بها في آفاق العالمية والتقدم والرقي وننجو جميعًا من نيران الفرقة والتشرذم التي يتمناها لنا أعداء الوطن.