محمد فؤاد الكيلاني
المواجهة التي كانت دائرة مع العدو الإسرائيلي في غزة، حملت في طياتها الكثير من المعاني والتوقعات، ولاسيما بأن القوة التي يدعي الكيان الغاصب أنه يملكها وأنها لا تقاوم، وقد أراد أن يختبر المقاومة والشعب الفلسطيني، فكان ما كان من مقاومة غير متوقعة، إذ وضعت المقاومة الفلسطينية قواعد اشتباك جديد بقصف تل أبيب بأكثر من مائة صاروخ دفعة واحدة، وهذا غيّر قواعد اللعبة في المستقبل في حال أقدم هذا الكيان على أي حماقة.
عندما نتكلم عن الجيل الرابع والمراهنات التي كان يراهن عليها الكيان، جاء هذا الرهان بالفشل الذريع، فالشعب الفلسطيني منذ تهجيره عام 1948 لم تتغير إستراتيجيته تجاه أرض فلسطين، وخصوصاً القدس عاصمة فلسطين، فبقي متمسكاً بحق العودة جيلاً بعد جيل.
عندما أراد هذا الكيان الغاصب تهويد حارة الشيخ جراح، لم يتوقع الهبة المقدسية التي حصلت في العشر الأواخر من رمضان تحديداً، فكان متوقعاً أن يكون الأمر بكل سهولة ويسر كما كان يعتقد، لكن تصدي المقدسيين وسكان حي الشيخ جراح بهذا الشكل البطولي كان مفاجئاً وغير متوقع بالنسبة للعدو الغاصب، على اعتبار أن الجيل الأول مات والجيل الحالي قد نسي القضية لكنه تفاجأ بالعكس.
الجيل الرابع والخامس من الشعب الفلسطيني أثبت أنه متمسك بالأرض والقضية الفلسطينية أكثر من الأجيال السابقة، وكان هذا واضحاً من خلال اندلاع مواجهات على كامل أراضي فلسطين كما يقال من النهر إلى البحر، وهذا الأمر أربك حسابات العدو بشكل كبير أكثر مما كان يتوقع.
ففي حال تهويد منطقة الشيخ جراح لا بد للمقاومة الفلسطينية أن يكون لها كلمة، بأن ترسل تهديداً للصهاينة على كل مستعمراتهم في أرض فلسطين بأن القدس خط أحمر ولا يمكن تجاوزه، فمن جديد أخطأ هذا الكيان الحساب واستخف بالمقاومة وقدرتها وبدأت المواجهة بشكل غير متوقع بقصف صاروخي عنيف من قبل المقاومة على الأراضي المحتلة وداخل مستعمراته بشكل دقيق.
عندما نتكلم عن الجيل الرابع ويليه الجيل الخامس، نتحدث عن جيل مثقف وواعٍ يُتقن التكنولوجيا ويجيد استعمال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ويماشي الموضة المتبعة في هذا العصر، ومنخرط في دوامة الحياة.
الانتفاضة التي دارت رحاها منذ أيام فاقت كل التوقعات، فالشعب الفلسطيني بكافة الأعمار والأجيال انتفض بقوة رجل واحد ضد هذا الطغيان، وكان من المفاجأ بأن فلسطينيي 48 كان لهم دور كبير ومهم في هذه الانتفاضة، ولأول مرة ينتفض فلسطينيو 48 ضد العدو الإسرائيلي وخصوصاً الجيل الرابع كان له كلمة ووقفة مهمة في هذه الانتفاضة، فلم يقتصر الأمر على فلسطينيي 48 بل على جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث كان لها موقف مهم وفاعل في هذه الانتفاضة.
وفي نفس الوقت كان التعويل على فلسطينيي الشتات في الخارج وتحديداً الجيل الرابع، كان لهم أيضاً وقفة كبيرة ومهمة في غور الأردن عندما حاولوا اجتياز الحدود لمقاتلة اليهود.
وهذا الأمر أيضاً تكرر في لبنان، فهناك جيل واعٍ يريد تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ولم يقتصر هذا الأمر على الفلسطيني المهجر من أرضة، بل كان الأمر أبعد من ذلك، بأن من يريد اجتياز الحدود لتحرير فلسطين هم العرب جميعاً، وكان هذا واضحاً على الحدود اللبنانية والأردنية والسورية، والمسيرات الحاشدة في كثير من الدول العربية والإسلامية بل وكثير من دول العالم نصرة لفلسطين ومناصرة للفلسطينيين وإعادة الحقوق لأصحابها الأصليين.