على الرغم من النجاحات التي سجلناها في توافر الغذاء أثناء جائحة كورونا والإنجازات التي تحققت في عدم تأثر سلاسل إمداد الغذاء إلا أن أسعار الغذاء لدينا تسجل ارتفاعات غير مسبوقة متأثرة بارتفاعات عالمية، وسجل معدل التضخم ارتفاعاً في شهر ابريل بمعدل 2.3% على أساس سنوي وهو الأعلى منذ 10 أشهر. لقد استفزني كغيري مقابلة مسؤول في إحدى الشركات المسؤولة عن توريد منتجات غذائية عندما أوضح صراحةً أنهم استطاعوا رفع الأسعار 30% في المملكة، وهو ما يطرح تساؤلاً كبيراً عن كيفية حماية المستهلك في السعودية من موجة ارتفاع الأسعار الحادة، ولماذا لا توجد أنظمة وتشريعات تحمي المستهلك وتعطي الصلاحيات لجمعية حماية المستهلك التي لا يتجاوز دورها بأن تكون مجرد جمعية توعوية.
لدينا جهود عظيمة لرفع نسبة الاكتفاء الذاتي وإنتاج ما نحتاجه من غذاء لحماية المستهلك من التضخم وموجات ارتفاع الأسعار الناتجة عن تحديات سلاسل الإمداد الدولية، ومنها مثلاً الاستثمارات السعودية الضخمة بمزارع الأعلاف في دول أمريكا الجنوبية والتي تضمن توافر الأعلاف بشكل دائم، ولكن السؤال لماذا -بالرغم من هذه الاستثمارات- ماتزال أسعار الأعلاف تشهد ارتفاعاً كبيراً انعكس على زيادة أسعار الدواجن والألبان والتي وصلت لأرقام قياسية.
وحتى نضمن تأمين أسعار غذاء مستقرة فإنه يجب أولاً أن تكون حماية المستهلك مسؤولية لا تقع على عاتق وزارة التجارة فحسب بل إنه توجه استراتيجي يتحقق بتناغم وتكاتف الجهات الحكومية المعنية من خلال إنشاء لجنة عليا لحماية المستهلك وبإقرار تشريعات تضمن عدم حدوث أي ممارسات تضر بالمستهلك كما هو معمول به في العديد من الدول. إضافة إلى أهمية التوطين القيادي في قطاع سلاسل إمداد الغذاء وشركات الجملة والموردين والذي أصبح واجباً اقتصادياً فما إن يفرض التوطين على قطاع إلا ونقطف ثماره ونشهد تحسناً كبيراً في جودة الخدمات والمنتجات وكذلك في الأسعار.
** **
- صفة كاتب المقال