د.شامان حامد
ما يُغير السنين حقًا هو «ما نكون عليه فيها» فالمستقبل في الدنيا شيء لا وجود له، و «ما نفعله في مراحل العُمر»، لن يأتي أبداً لأنه إن جاء صار (حاضراً)، فإن لم تفعل شيئاً لإصلاح نفسك وتطويرها في عام ظننته حلواً أو علقماً، ولى وهرب منك لتُبدي الندم على لحظاته، ليأتيك ضيفاً جديداً يُذكرك به وكأنه إنذاراً لاقتراب موعدك لخط اللارجعة، فلا تتوقع أن يكون أفضل من ذي قبل على الإطلاق. وعندما يأتي علينا عامٌ جديدٌ وتكون نهاية السنة أتذكر الحديث القدسي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: «يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار». وكلها أماكن وأزمنة واحدة، كلها خير، وأعمالك التي ملأت بها كوب آخرتك هي التي تعرض على الأماكن والأزمنة، فتفرح بها وتتذكر حلوها ومُرها، ليُصبح من سجل الذكريات، عام فيه من الذكريات الجميلة ومنها الذكريات الحزينة، وإن لم تسعَ لأن يكون العام جديدًا وسعيدًا بحق على نفسك وعلى مجتمعك فكيف سيكون كذلك؟
لقد شهد عالمنا الإنساني أحداثاً دراماتيكية، أسوأها التمدد الإيراني وتدخلاته السافرة بشؤون الدول الجارة، لينقلب السحر على الساحر منذ انطلاق ثورتهم الغادرة لينفجر الشعب وشرارتها مهسا أميني، فتاة واحدة... ستكون نهاية نظام ظل لأكثر من أربعين عامًا في طغيانه، ونستقبل عامًا، ولا زال الدم العربي (العراقي والسوري واليمني والليبي) يُهدر، وتزداد معاناتنا معهم كإخوانٍ مقهورين لقُدسانا وغزة من غطرسة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات وتضيع كل فرصة سانحة لتحقيق السلام، ولولا حرب السادس من أكتوبر لتمدد فجوره..
لقد هل عام سنحصُدُ ثماره من أعوام مضت، قهرت حياتنا منذ نهاية 2019 وجائحة كوفيد19، وخيانة أميركا للشعب الأفغاني، وعام تلاهما من غزو الروس لجارتها أوكرانيا التي تظن الأولى أنها وصية عليها ولا حق لها بالاستقلال، ليرزح العالم ببشر معدومين من أزمة غذاء عالمية، وأزمة غاز، كُلها أحداث دمرت الحياة الداخلية للمواطن وشعوره بالضيق لسوء الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار والفائدة على كُل شيء، لينتهي 2022م بثورات ضد أنظمة إرهابية في إيران، واحتجاجات بلدان أوروبا والغليان وحرائق الفتن والتعصب والمُثلية وأذكار الشيطان، لكن يكفينا أن رأينا من عامنا قوة عربية سعودية مصرية بقمم كُبرى وخذلان للقوى الأخرى، ويكفينا نجاح كأس العالم 2022 بقطر الشقيقة، وفوز المنتخب السعودي على الأرجنتين بطل العالم، وتونس على فرنسا، فهنيئاً لنا بعام مضى بما فيه وهنيئاً لنا بعام ندعو الخالق فيه الحياة والبر وصلاح الأمتين العربية والإسلامية.