د.عبدالرحيم محمود جاموس
تأتي الذكرى المائة وسبع سنوات لوعد بلفور المشؤوم يوم 2-11-2024 والشعب الفلسطيني في قطاع غزة خاصة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو يتعرض إلى أبشع عدوان منذ النكبة الكبرى بهدف اقتلاعه من وطنه فلسطين وتصفية قضيته العادلة على مدى ثلاثة عشر شهرا جرائم حرب وإبادة بشرية فاقت كل تصور وتطهير عرقي تمارس في حقه على مرأى ومسمع العالم الذي لازال متحجرا يكيل بمكيالين، وعاجزا عن فرض وقف إطلاق النار، وعن وقف هذا العدوان الهمجي والسافر الذي خلف مئات ألوف الضحايا من قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين.. ومن دمار هائل لا يقبله عقل لكافة البنى التحتية والفوقية.. وتدمير لكل أسباب الحياة في قطاع غزة.
من كامبل بنرمان مرورا ببلفور البريطانيين وصولا إلى - دونالاند ترامب ومن بعده جو بايدن رئيسا أميريكا.. إنها سياسة استعمارية غربية بريطانية ثم غربية أمريكية ثابتة ومستمرة في عدائها للعرب وللفلسطينيين خاصة... إنها سياسة واحدة متكاملة ونكبة فلسطينية وعربية وإنسانية دائمة ومتجددة......!
إنها حركة الاستعمار جديدها وقديمها هدفها واحد والتغيير فيها يتم فقط في الوسائل والأساليب.... وأما الأهداف والغايات فهي ثابتة وضحاياها أيضا ثابتة هم نحن أمة العرب وخاصة «منهم الفلسطينيون»..!
مائة عام وسبع سنوات على وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا الاستعمارية وعدُ من لا يملك إلى من لا يستحق....!
من كامل بنرمان الوزير الأول البريطاني في 1905م إلى بلفور 1917م وزير خارجية بريطانيا..... إلى دونالد ترامب وجو بايدن رئيسا أمريكا..... إنها سياسة بريطانية أمريكية استعمارية بغيضة واحدة تتكامل في جميع مفاصلها ومحطاتها وضحيتها لازالت ماثلة، وتصرخ في وجه القريب والبعيد، تصرخ في وجه العالم ونظامه الدولي غير العادل، إنها فلسطين المغتصبة وحقوق شعبها الذي بات يربو على خمسة عشر مليونا، المقاوم العنيد بكل أشكال المقاومة الثابت على الحق والصامد في وطنه وفي الشتات....! النتيجة.... أن النكبة الفلسطينية لازالت مستمرة ولازال الشعب الفلسطيني محروما من العودة إلى وطنه ومحروما من الحرية والمساواة، ومحروما من حقه الطبيعي في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة أسوة بكل الشعوب، وتبقى المستعمرة الإسرائيلية قائمة ومتغطرسة لتمثل آخر احتلال على وجهِ الأرض تحظى بدعم بريطانيا والولايات المتحدة والملتزمتان بتفوقها على دول الإقليم والمنطقة العربية مجتمعة. السياسة البريطانية لا تعتذر عن فعلتها وجريمتها في حق الشعب الفلسطيني... بل تتباهى بوعدها الجريمة وتعتبره من أهم إنجازاتها السياسية والأخلاقية وتحتفي به وبذكراه...
واليوم تكمل المشوار والخطة الاستعمارية الولايات المتحدة الأمريكية وبكل عنجهية وصلافة كما بدت وفعلت في عهد الرئيس ترامب ومن بعده جو بايدن..! تفتخر (بريطانيا+أمريكا) وتحتفيان بهذه السياسة المنافية لأبسط قواعد القانون الدولي التي لا تجيز السيطرة على أراضي الغير بالقوة والتنكيل بالشعوب/ وهضم حقوقها وفي مقدمتها حق الشعوب في تقرير المصير...!
أهم إنجاز لسياستهما الاستعمارية العنصرية والفاشية المشتركة في القرن العشرين ما نتج عنها هو (قيام الكيان الصهيوني) المستعمرة الإسرائيلية على إقليم أرض فلسطين... وتشريد نصف شعبها وتحويلهم إلى لاجئين عانوا ومازالوا يعانون منذ أربعة وسبعين عاما شتى أصناف العذاب والحرمان والضياع في المنافي المختلفة....!
إنها أكبر جريمة حرب وأبشع عدوان اقترفته بريطانيا في القرن العشرين والتي ما زالت تنكر على الفلسطينيين حقهم في العودة والحرية وتقرير المصير أسوة بكل شعوب العالم، وبريطانيا لا زالت تواصل احتفاءها السنوي بوعدها المشؤوم وتواصل الإدارة الأمريكية دورها في رعاية وليدها وإرضاعه حليب العنصرية والتسلط والتفوق والغطرسة...! نحنُ العرب الفلسطينيين نعلي صوتنا اليوم وكل يوم في وجه بريطانيا وأمريكا معا ووجه الكيان الصهيوني المستعمرة البغيضة، وفي وجه كل مجرمي العصر.. ونطالب أولا: بريطانيا بالتكفير عن جريمتها بالاعتذار للشعب الفلسطيني واعترافها ودعمها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود القرار الجريمة (التوصية 181) الخاصة بالتقسيم وتنفيذ (القرار 194) الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين... وإلزام الكيان الصهيوني (المستعمرة الإسرائيلية) بتنفيذ تلك القرارات الظالمة أصلا والباطلة شرعا، ولكن كحد أدنى في هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها العالم وما يسمى بشرعيته الدولية.....!
إن من حق الشعب الفلسطيني كشعب محتل له وحدة سياسية واحدة تمثلها دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة... التقدم بشكوى تجريم بريطانيا عن وعدها المشؤوم هذا وما نتج عن سياساتها نحو فلسطين أثناء انتدابها عليها من أذى وضرر وقتل ودمار وتشريد لأبناء الشعب الفلسطيني ومصادرة لحقوقه الطبيعية في وطنه....
ثانيا: الشكوى ضد الكيان الصهيوني لمحاسبته على جرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني واستمرار احتلاله للأراضي الفلسطينية وما نتج عنه من أضرار لحقت وتلحق بالشعب الفلسطيني ومنع الشعب الفلسطيني من حقه في العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم 181 للعام 1947م وقرار العودة وفق القرار 194....
إن الصلف والتجبر الصهيوني والتبجح البريطاني والدعم الأمريكي المطلق لسياسة (المستعمرة الإسرائيلية) لابد من مواجهته على كل المستويات، وفي كل المحافل القضائية الدولية ومقاضاتهم أمامها..... وأن ترفع القضايا عليهم بشكل فردي وجماعي من قبل الشعب الفلسطيني.... ومن دولة فلسطين المحتلة...! كما نؤكد على حق الشعب الفلسطيني في استخدام كافة أشكال المقاومة والنضال وفق ظروفه وإمكانياته بما فيها الكفاح المسلح من أجل أن ينتزع حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين، وأن يضع حدا لهذه النكبة المستمرة والمتناسلة على يد الاستعمار وقواه القديمة والجديدة ومولودها المسخ (المستعمرة الإسرائيلية) وكيانها الغاصب العنصري والذي لا يقيم وزنا للشرعية الدولية وقراراتها وقواعدها....
إن الله يمهل ولا يهمل... ولن يضيع حق وراءه شعب مطالب...
** **
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني