أ.د.عثمان بن صالح العامر
أشار معالي وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب إبان زيارته نهاية الأسبوع الماضي لمنطقة حائل إلى أن من أهم المزايا التنافسية لحائل (الثقافة العريقة التي تمتد لقرون) مؤكداً على نجاح اجتماع معاليه مع صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز. أمير المنطقة، الذي كان من بين ما انتهى إليه الاجتماع الاتفاق على (تطوير استراتيجية خاصة بالمنطقة)، ولكون هذه الاستراتيجية غالباً ما ستركز على المزايا التنافسية خاصة (الثقافة الحائلية) حسب ما أشار إليه معاليه في تصريحه الوارد أعلاه، فإنني أعتقد أن الثقافة الشعبية الحائلية التي تشكل مستودعاً ضخماً من الخبرات المتراكمة، والاجتهادات الابداعية، والحكايات المتوارثة، ما زالت مبثوثة هنا وهناك، متفرقة بين الدراسات والأبحاث الشخصية، والإضاءات الإعلامية الرائعة، والتسويق السياحي المؤقت وفي الجانب الفلكلوري أكثر منه المعرفي.
لقد اعتمدت الثقافة الشعبية في نقل المعرفة ونشرها على مقومين أساسيين: (الجماعية) و(الشفهية) فكان الإنتاج مرتهناً بموافقة متطلبات الجماعة، وكان التناقل الشفهي سبيلاً إلى نشر المعرفة، ولذا كانت بعيدة شيئاً ما عن اهتمام وكتابات النخب الثقافية، بل أن شريحة من هؤلاء النخب كانت تنظر لهذا اللون من الثقافة على أنها صنو التخلف، وقرينة دالة عليه.
أعلم أن هناك جهودا وطنية ضخمة لتوثيق الثقافات الشعبية في مناطق المملكة، ففضلاً عن جهود مركز التاريخ الشفوي الذي أسس بدارة الملك عبدالعزيز في مطلع عام 1416هـ/ 1995م، هناك جهود تذكر فتشكر لوزارة الثقافة تهدف إلى توثيق الثقافات المحلية غير المادية في وطن العز والمجد، ومع ذلك فإن ثقافة حائل الشعبية ثرية جداً سواء الأدبية منها أو الفنية أو الفكرية الابداعية أو الفلكية أو.. وتحتل مساحات ضخمة من الذاكرة المحلية، يرويها لك رجل مسن بتفاصيلها وشواهدها وشخوصها ومكانها وزمانها، وكأنك كنت هناك.
هذا الإرث الثر يحتاج إلى مبادرة نوعية من قبل فريق حائلي متخصص يجمع (المثقف واللغوي والمؤرخ والجغرافي و... تحت إشراف جهة رسمية معتبرة ولتكن وزارة الثقافة أو جامعة حائل أو الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل أو غيرها) لتكون ثقافة حائل الشعبية (قصائدها، حكاياتها، أمثالها، لهجاتها، قيمها، أعرافها، تقاليدها) حاضرة في المشهد الوطني بكل مكوناتها وجميع مضامينها، وسبيلاً لتعزيز السياحة التي ينشدها ولاة أمرنا حفظهم الله، وينتظرها عشاق هذا اللون من السياحات، أعني (السياحة الثقافية)، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام .