الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
في كتابه الأخير «ماذا لو كنتُ مخطئاً؟»، يتناول المفكر والناقد د. عبد الله الغذامي واحداً من أكثر الأسئلة الفلسفية إثارةً وتحفيزًا: هل يمكن أن يكون الإنسان مخطئًا في معتقداته أو قناعاته؟ ويسعى الكتاب إلى استكشاف هذا السؤال من خلال عدسة نقدية وفلسفية، مستعرضًا تجارب العديد من الفلاسفة البارزين مثل الغزالي، جان جاك روسو، إيمانويل كانط، وآينشتاين، الذين تباينت مواقفهم من هذا السؤال العميق.
الغذامي في هذا الكتاب لا يقتصر على إعادة طرح السؤال فقط، بل يتطرق إلى كيفية تأثيره على الفكر الفلسفي والنقد الثقافي، وكيف يمكن أن يكون أداة للتطوير الفكري إذا ما تم التفاعل معه بشكل جاد.
يشير المؤلف إلى أن عقل الإنسان غالبًا ما يقع في فخ الغرور العقلي، مما يجعله غير قادر على الاعتراف بخطأ أفكاره أو قناعاته، وهذا ما يظهر في تجارب بعض المفكرين مثل «دانيال دينيت»، الذي رغم طرحه السؤال، أصر على تبني حلول أكاديمية تعيق التفاعل الجاد مع السؤال.
يطرح د. عبد الله الغذامي في هذا السياق أهمية أن يكون النقد الثقافي حاضراً كأداة تمكننا من اكتشاف الثغرات في أفكارنا، مما يساعد في فتح الأفق للتغيير الفكري والتحولات الثقافية الضرورية.
هذا الكتاب «ماذا لو كنتُ مخطئاً؟» هو دعوة لإعادة التفكير في الثوابت الفكرية والنقد البنّاء، مؤكدًا أن الاعتراف بالخطأ ليس ضعفًا، بل خطوة مهمة نحو الفهم الأعمق كما أنها بمثابة دعوة للانفتاح على النقد الذاتي، وتحفيز العقل على مواجهة التحديات الفكرية الكبيرة التي تفتح أبوابًا جديدة للفهم والتطور.