رسيني الرسيني
هل من الممكن أن يستيقظ في الصباح رئيس دولة ما، ومن ثم يعلن للعالم أنه يريد أن تُنقل المصانع الكبرى من الدول الأخرى إلى دولته عاجلًا؟ نعم، هذا ما حدث والذي نعيشه اليوم نتائج هذه الرغبة لرئيس أكبر دولة في العالم. دونالد ترامب -ومن أيام الانتخابات الرئاسية- أوضح أنه يعتزم فرض رسوم جمركية على كافة الواردات، إلا أن العالم أخذ هذه التصريحات على أنها دعايات انتخابية لا يمكن تطبيقها، حتى تفاجأ العالم بدخول هذه القرارات حيز التطبيق واهتزت الأسواق المالية باللون الأحمر انخفاضًا.
بشكل عام، التعرفة الجمركية أو الرسوم الجمركية على المنتجات الأجنبية غرضها نبيل للصناعات المحلية، حيث تعزز الإنتاج المحلي للسلع بصفتها الأقل سعرًا للمستهلك، مما يتيح المزيد من فرص العمل في الصناعات المختلفة ويشجع تصدير هذه المنتجات إلى الدول الأخرى، ومن ثم ينعكس بشكل إيجابي على إيرادات الدولة. إلا أنه في عصر العولمة والتجارة العالمية، أصبح التوازن جزءا أساسيا للانخراط في العلاقات التجارية العالمية وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى، بحيث لا يمكن عزل دولة ما عن العالم واكتفائها بذاتها بشكل مطلق.
أوضح مثال على حتمية التعاون مع الدول الأخرى، هو ما يحدث من صراع تجاري بين التنين الصيني والقوة الأمريكية. الكل بحاجة للآخر ولو زادت حدة التصريحات بينهما، فالأول (الصيني) يدين الثاني (الأمريكي) بأكثر من 700 مليار دولار مما يجعل الأول يصلي كل صباح بألا يحدث مكروه لأمريكا. أما الثاني (الأمريكي) مستفيدًا من مصانعه المتواجدة في الصين ذات غزارة الإنتاج وانخفاض التكاليف، فحسب تقرير نشرته CNBC أشارت أن تكلفة صناعة الآيفون في الصين 700 دولار، بينما سيكلف ذات الجهاز صناعته في أمريكا حوالي 3,500 دولار.
ومن أجل ذلك، وبعد التأثر السلبي على أسواق العالم، أعلن الرئيس الأمريكي تعليق قرار التعريفات الجمركية لمدة 90 يومًا على جميع الدول باستثناء الصين الذي رفع معدل التعريفات عليها إلى 125% ومن ثم استثنى قطاع الالكترونيات مثل: الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب وغيرها. الأمر الذي دفع الصين إلى المعاملة بالمثل برفع التعرفة الجمركية على المنتجات الامريكية، ومن المتوقع استمرار الضغط والتفاوض بين البلدين في الأسابيع القادمة حتى يتنازل الأكثر حكمة بين الطرفين للوصول إلى حل وإيقاف النزيف الاقتصادي.
حسنًا، ثم ماذا؟
قراءة كتاب «فن التفاوض» الذي كتبه ترامب في عام 1987م قد يفسر جزءا مما يحدث الآن.