خالد بن عبدالرحمن الذييب
الإنسان حر في قرارته، وقدرته على اتخاذ القرارات تظهر من خلال ردة فعله ناحية الأزمات، وناحية الفعل الذي يتأثر به، الحياة ليست نزهة، بل هي كَبَد مستمر تتجلى فيها قدرة الإنسان في اتخاذ ردات الفعل تجاه أي فعل؛ سواء كان سلبيا أم إيجابيا، وكما قال روسو: «إذا ما طردت من شجرة مثلاً، أمكنني أن أذهب إلى أخرى»، نعم ما الذي يمنعك من التنقل من مكان إلى آخر، من يجبرك على سلوك لا تريده ووضع لا يرضيك، لا أحد..
أنت فقط من يرضى بأن تكون ما يرضون، وأن تخضع لما يخضعون، أما هم فسعداء بأنك راضٍ بما يريدون، وخاضع لما يخضعون. من الذي يمنعك من اتخاذ قرار آخر مقابل ما يصل لك من قرارات، ما الذي يمنعك من قول «لا»، إن أردت قولها يوماً ما، لا أحد، هي كلمة على لسانك إن شئت قلتها وإن شئت خجلت من قولها وحفظتها.
كل ما يحصل لنا في هذه الحياة عبارة عن قرارات اتخذها أحدهم في مكان ما، وفي وقت ما، وبناء عليه ستتخذ قراراً بناء على ذاك القرار كردة فعل على لحظة ما. هذه القرارات التي اتخذتها كردة فعل لقرار غيرك ستكون فعلاً وقراراً بل وربما قدراً يؤثر في شخص آخر في محيطك أو محيط أوسع من محيطك يتعامل معها كردة فعل، فهي دائرة موجية لها ارتدادات على محيط أوسع يبدأ من نقطة الارتكاز، مثلها مثل الحجر الذي يُرمى وسط المياه الراكدة، فالأثر الأكبر يكون على المحيط الأقرب، ثم يتأثر بذلك المحيط الأبعد بدرجة أقل في حالة تناسب طردي بين المسافة ودرجة التأثير، فكلما اقتربت أكثر من مركز القرار اقترب منك التأثير، وكلما ابتعدت قل التأثير.
وما بين الفعل وردة الفعل تمضي حياتنا نتأثر ونؤثر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، صدقني يا من تقرأ كلنا مؤثرون، كلنا نؤثر في أحد ما، وفي شخص ما، ومتأثرون بشخص ما أو ربما أشخاص أخرين، هذا التأثر ليس شرطاً طوعياً نتيجة إعجاب أو اتخاذ قدوة، بل أحياناً يكون تأثيراً لا نريده، تأثيراً مرغمين عليه نتيجة سلطة أعلى أو قوة أكبر.
أخيراً..
لا تقلل من أثر قرار، فعل، مقال، أو حتى تغريدة. فربما تغريدة تكتب في مكان الآن قد تؤدي إلى إلحاد شخص بعد عقد من الزمان.
ما بعد أخيراً..
بعض القرارات.. بداية صعود.
وبعضها.. طلقات نارية.