الاسم التجاري هوية تجارية، وعنوان لشخصية اعتبارية، ومفتاح للتعريف، وتمييز للكيانات؛ وقد كان للمنظم السعودي عناية فصدر نظام الأسماء التجارية، بالمرسوم الملكي رقم (م / 15) وتاريخ 12 / 8 / 1420هـ، وتضمن: أحكاما عامة، أحكام الاسم التجاري وحجزه وقيده، الإلغاء والشطب وحالاته، المخالفات، أحكام ختامية، يعمل بالنظام بعد (180) يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ولما تشهده المملكة العربية السعودية وفي ظل الرؤية السامية 2030؛ وللتطور والازدهار والبيئة التشريعية التنظيمية التي تعد أساسا ومرتكزا جوهريا في البينة القانونية لتعطي دلالة عن عمق وإتقان؛ صدر المرسوم الملكي رقم (م/ 83) وتاريخ 19 / 3 / 1446هـ ليحل محل نظام الأسماء التجارية الآنف الذكر؛ ليعلن عن نظام شامخ الأسس، عليّ الفكر، وليعزز جوانب الاستثمار في المملكة العربية السعودية، وامتداد للأنظمة (القوانين) في المجال التجاري والمالي والاستثماري الجامعة ذات الحوكمة السديدة والآثار البالغة؛ فصدر هذا النظام بما يحقق المواءمة بين حرية التاجر في اختيار اسمه، وبين المصلحة العامة التي تقتضي منع اللبس، وحماية حسن النية في التعامل.
فالاسم التجاري حق مالي معنوي واكتسابه يكون بالتسجيل وفق المرسوم نظاما، وإذا تم ذلك كانت حمايته وفق هذا النظام، وأصبح ضمن الذمة التجارية للتاجر أو الشركة؛ وله طبيعته المتميزة؛ فقد حماه النظام، وجعله أصلا تجاريا بذاته، وهذا يجعل للتاجر أو الشركة حقوقا بناء على ذلك، ويجعل محلا للتصرف، ويجعل عليه التزامات وفق المنصوص عليه في النظام.
تتولد الامتيازات للاسم التجاري من التعاملات المسماة المنضوية ضمنه؛ فيكون له القيمة في ذلك، ويحقق لها ضمانا وائتمانا ويجعل له تمييزا ويبني له هوية، وأتى هذا النظام ليجعل له الحماية منذ تسجيله؛ فيمنع الغير من الاستعمال أو التقليد مما يحقق أرضية قوية للاستثمار.
وإن هذا النظام حقق توازنا بديعا، فقد أتت تعديلات لعل المقام يسمح بذكر بعضها والتعليق على مزاياها وآثارها؛ فقد منح النظام إمكانية وجوازا ومرونة في استخدام لغات وأحرف متنوعة فأصبح من المسموح الآن حجز وقيد الأسماء التجارية باللغة الإنجليزية، وكذلك تضمين الاسم التجاري حروفا أو أرقاما، وهذا بلا ريب يمنح الحرية للتاجر وسعة في اختيار التاجر ما يراه مناسبا ومعبرا عن هويته التجارية.
وإن مما امتاز به هذا النظام وجعل العمليات التجارية تشمل الاسم بمعزل عن المنشأة هو التصرف استقلالا في الاسم التجاري بشكل مستقل عن المنشأة وعليه فيمكن أن يتنازل عنه لتاجر آخر.
فمن خصائص الاسم التجاري في النظام السعودي أنه قابل للانتقال والتصرف فيه، سواء بالبيع، أو الترخيص، أو التنازل. على أن الاسم التجاري لا يفصل عن غايته، وإنما يتداول في سياق مشروع ومنضبط. وقد أتت الحماية للاسم التجارية حماية بالغة فأتى حظر حجز أو قيد اسم تجاري لمنشأة يتشابه مع اسم منشأة أخرى، حتى عند اختلاف النشاط؛ كل ذلك يعود أثره وفائدته للمستثمر وللمستهلك من حيث عدم إحداث اللبس. كما منح النظام صاحب الاسم التجاري المسجل الحق في الاعتراض على تسجيل أي اسم مشابه، وأجاز له اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض حال ثبوت الضرر، أو للمطالبة بشطب الاسم المخالف.
والحماية حمايتان وبينهما علاقة؛ حماية مدنية، وحماية جنائية؛ فالاسم قد يستعمل استعمالا غير مشروع، وقد تقع عليه جريمة كالتزوير؛ ولكل منهما وسائله وطرقه في التقاضي.
واليسر في الإجراءات علامة لهذا النظام؛ في السماح للتاجر في السجل التجاري بتعديل اسمه التجاري بعد استيفاء الشروط والإجراءات المحددة، ويسري التعديل من تاريخ قيده في السجل التجاري، دون المساس بالحقوق والالتزامات التي نشأت قبل التعديل.
وإن مما يعزز الشفافية والثقة أن ألزم المنظم بأن يكون الاسم التجاري معروضا على واجهة مكان مزاولة الأعمال التجارية، ووضعه في جميع الوثائق والمراسلات والمطبوعات.
هذا غيض من فيض التعديلات النظامية التي ستعزز الثقة في البيئة التجارية فتسجيل الاسم يوثق مركز المنشأة القانوني، وسيرفع مستوى التنافسية، حيث يجعل التاجر يبني سمعته عبر جودة العمل لا الاسم، وأن اسمه يقوى بقوة جودة عمله، وسيسهل الدخول في السوق؛ لسهولة الإجراءات ووضوحها.
وستجعل السوق السعودي جاذبا للاستثمار والأموال؛ بفضل من الله ثم هذه البيئة القانونية المرنة الحامية لحقوق الملكية الفكرية والمانحة للتجار الحرية الكبرى في تعديل الأسماء والمعززة للشفافية والمانعة من التضليل فيجعل الثقة مدارا رئيسا بين المستهلكين والتجار.
إن نظام الاسم التجاري في المملكة العربية السعودية يعد نموذجا رائدا ومتميزا في الأنظمة العالمية كيف لا وهو يجسد رؤية الدولة في تنظيم الاقتصاد؟
** **
- رشام خالد