فاطمة الصباح
لا أحد على وجه الكرة الأرضية يستحق أن نخضع له سوى الله عز وجل؛ لاتصافه بصفات الكمال المطلق في ذاته وأفعاله، وكل أوامره ونواهيه، قال الله تعالي: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
ما الاستحقاق؟
يعرف الاستحقاق في قاموس اللغة العربية بأنه: تاريخ تنتهي فيه مهلة، أو تاريخ يكون فيه واجب الأداء.
والاستحقاق نوعان، إما أن يكون إيجابيًّا أو سلبيًّا، فالإيجابي هو أن تقول: أنا أستحق الاحترام، وتحدِّثني باحترام، وتتعامل معي باحترام، ولكي تحصل على هذا الاستحقاق عليك أن تتحدَّث مع الآخرين باحترام، وتتصرَّف معهم باحترام، أيضًا أنا أستحق أن أكون ناجحًا، لذا يجب عليك أن تجتهد وتُثابر لتصل.
إذًا فالإيجابي هو ما تصنعه بشخصيتك، فما تزرع فيها ينعكس عليك في المجتمع وتعاملات الآخرين تجاهك، ومن ثم تستحق الشيء الذي تطالبهم به، كأن تقول مثلًا:
- أنا أستحق الحصول على ما أحب، وكل شيء جيد.
- أنا أستحق الكثير من الحب.
- أنا أستحق السلام الداخلي والخارجي.
- أنا أستحق الشريك في حياتي، يُشاركني تفاصيل الحياة بلا تذمر وملل.
- أنا أستحق محبةَ من هم حولي والناس جميعًا.
هذا الشعور الداخلي لديك، غير المقيد بشرط أو قيود؛ هو ما يسمَّى الاستحقاق الذاتي، فهو اعتقاد ثابت لديك في أن قيمتك كفرد في المجتمع، بغض النظر عن إنجازاتك أو فشلك، هو هذا الشعور الذي تستحقه. ولا شك أن هناك بعضَ الأشخاص الذين يفتقدون هذا الشعور، فلماذا؟
ربما تكون الحالة التي يعيشها هذا الشخص أو التراكمات التي واجهته في الحياة، تعرِّضه للإحباطات والتجارب الفاشلة، وربما كل هذه الأمور قد تجعلهم يعانون من فراغ هذا الشعور لديهم، ويعلِّقون الآمال على شعور الاستحقاق الذاتي، وقد يفرِّطون في مطالباتهم، الأمر الذي يجعلهم يسقطون في هاوية أو متلازمة الاستحقاق.
إن إلزام الشخص الذي أمامك، ومن هم حولك بشيء تعتقد أنه حق مطلق لك أنت فقط لأمر غير محبَّبٍ، وكثيرًا ما يبدأ الفساد في الأرض أحيانًا من فساد النفس، وتعدِّيها على حقوق الغير.
فالشعور بالسعادة الشديدة عند المدح، وحساسيتك المفرطة جدًّا تجاه آراء الآخرين، وعدم تقبُّل النقد، والإفراط في المماطلة، وانعزالك عن المجتمع... هذه بعض المؤشرات التي تدل على نقص الاستحقاق لديك.
وجبة خفيفة:
هل تتذكر بداية المقال؟
نعم حان الوقت الآن لمحو تلك المهلة، فإما ألَّا تهتم بالتواريخ، وإما أن تبدأ بتدوين البدايات.
فالاعتراف ومصارحة النفس بالمشاعر الجميلة، وتعديل أفكارك ومعتقداتك، وتجاوز مراحل الاستسلام إلى مراحل الإصرار على استحقاق الذات، أمور تجعلك تصل إلى تحسين شعورك نحو ذاتك، ورفع قيمتك الذاتية.