د.م.علي بن محمد القحطاني
أحاول العودة للكتابة فاستعصت علي لوحة مفاتيح جهازي المحمول تشرق بي تارة وتغرب تارة أخرى، هل ذلك يعود لتوقفي عن مداعبتها لمدة ليست بالقصيرة وإن كنت لا أعتقد ذلك، فليست المرة الأولى التي أفعل ذلك، أم أن السبب يعود لعدم تجاوب الجهات المعنية مع ما يكتب في الصحف مع أن المدير القائد الواثق يستطيع أن يستفيد مما يكتب أيما استفادة لأنه مرآة تعكس بصدق في الغالب مدى رضا متلقي تلك الخدمات، وتسلط الضوء على أوجه القصور في جهازه، وهنا يأتي دوره وحنكته في تلمس تلك الملاحظات ومعالجتها.
لفت انتباهي خبر تناقلته أغلب وسائل التواصل الاجتماعي مرفق بشريط مصور لانطلاق أول رحلة لشركة جديدة تحلق في أجواء المملكة مما يسمى بالطيران (منخفض التكاليف) لعلها تسهم مع أخواتها التي سبقتها في هذا المجال، وفرحت ولكنه فرح مشوب بالحذر حتى لا تتكرر تجربتنا عند الإعلان عن أول شركات تعمل في المملكة تحت هذا المسمى وفرحنا واستبشرنا بمسمى الطيران الاقتصادي والترخيص للعديد منها، وحسب معلوماتي أنها كانت في البداية لتغطية المطارات المحلية والإقليمية، أو بالأصح المطارات الداخلية لكنها بدأت تتوسع من داخلي لإقليمي لدولي ولا ضير في ذلك، ولكن ليس على حساب الهدف الأساسي في انشائها لخدمة تلك المحافظات بتكلفة اقتصادية ووجهات مباشرة مع بقية مدن المملكة. ولكن سرعان ما استيقظت من أحلام اليقظة عندما تذكرت ما حدث في نهاية شهر الخير والبركة شهر رمضان المبارك الذي تزداد كثافة المسافرين إما لعمرة أو لقضاء الإجازة مع الأهل والأقارب أو كليهما، وهنا تنفتح شهية شركات الطيران (شراهة) للكسب باعتباره موسما لا يُفوت لزيادة أرباحها مع أنه يمكنها رفع نسبة أرباحها بزيادة أعداد المقاعد وتكثيف عدد الرحلات، ولكن هذا يحتاج لمزيد من الجهد والعمل المضني والمصاريف، ولتلافي ذلك يتم اللجوء للطريق الأسهل والأضمن برفع أسعار التذاكر ففي شهر رمضان المبارك وإجازة العيد ارتفعت لأرقام فلكية، وهنا أتحدث بالتحديد عن المحافظات الصغيرة والتي غالب المسافرين منها وإليها من سكانها الذين يعملون أو يتعلمون في مناطق أخرى، أو من شبابنا وشاباتنا الذين يتعلمون هناك في الجامعات التي قامت الدولة مشكورة بإنشائها في أغلب مناطق ومحافظات المملكة، أو يعملون في تلك المحافظة وأغلبهم قد لا يكفيه مرتب شهرين لشراء تذكرة، وهذا ما أجبر الكثير منهم على الخيار الأصعب ألا وهو الاتجاه إلى وجهته بطريق البر باستخدام سياراتهم، وقد لا تكون مناسبة للقيادة لهذه المسافات، وقد تكون الطرق غير مناسبة وفي حاجة ماسة لإعادة تأهيلها ورفع كفاءتها، وقد يجتمع النقيضان مع عدم تهيئة واستعداد السائق، ويضاف إلى ذلك سعي البعض منهم لمحاولة طي المسافات بتجاوز السرعات المحددة لكسب المزيد من الوقت مع أهله ومعارفه.
كل أو بعض هذه المسببات كفيلة برفع نسبة احتمالية وقوع حوادث الطرق التي قد تزهق فيها الأرواح وتتحول الافراح إلى أتراح والأعياد إلى مَآتِمُ.
قد تكون هذه المواسم الدينية بالذات لما تحمله في طياتها من أهداف نبيلة فهي إحياء لشعائر دينية ولم شمل العائلات والأسر وتشجيع السياحة الداخلية فرصة لهذه الشركات وتعتبرها من ضمن مشاركاتها المجتمعية التي لم نلمس لها أثرا من أغلب تلك الشركات.
غصة:
مع بداية دخول هذه الشركات ذات التكلفة المنخفضة لاحظت كغيري اختلاف زمن الرحلة في التذكرة عما كان في السابق، وعلى سبيل المثال من جدة إلى إحدى مدن المملكة على مر عقود صيفا أو شتاء ليلا ونهارا وزمن الرحلة 50 دقيقة ثم أصبحت ساعة وخمس عشرة دقيقة وحسب علمي أن المدينتين لازالتا في نفس موقعهما الجغرافي وعلى نفس إحداثيات خطوط الطول والعرض.. فما الذي حدث؟!
عَبْرَةُ:
ما المقصود بالطيران المنخفض التكاليف؟ حسب فهمي المتواضع أن ذلك سينعكس على الراكب بانخفاض سعر التذكرة، وليس كما هو واضح بأن ذلك ينعكس على زيادة أرباح تلك الشركات!!.