م. سطام بن عبدالله آل سعد
في مشهد غير مألوف، تعيش أندية القمة في الدوري السعودي، الهلال، النصر، والاتحاد، حالة غريبة من التزامن في الأداء والنتائج. تتعادل، فيتكرر التعادل كأنه اتفاق غير معلن؛ تفوز، فتتشارك مع الجماهير نشوة انتصار مؤقت؛ تخسر، فتسقط جميعها بضربة مدفع قاضية، أطاحت بثلاث قلاع دفعة واحدة.
لكن هذه القلاع، التي يُفترض بها أن تكون حصينة، باتت في واقع الأمر قلاع ملح؛ صلبة في مظهرها، لكنها قابلة للذوبان عند أول ضغط حقيقي، أو اختبار قاري قوي. وهنا تكمن المعضلة الأكبر: الفرق لم تعد تنهار فنيًا فقط، بل ذهنيًا وتنظيميًا وإداريًا.
الحديث لا يدور عن أندية متوسطة تبحث عن البقاء، إنما عن مؤسسات رياضية تقود مشروعًا وطنيًا ضخمًا، تُضخ فيها المليارات، ويتقدم صفوفها نجوم من طراز كريستيانو رونالدو، كريم بنزيمة، وسالم الدوسري، ومع ذلك، تبدو الفرق تائهة، مرهقة ذهنيًا، فاقدة للحدة والانضباط، وكأن النجومية وحدها لم تعد كافية لإشعال الروح.
الاتحاد على أعتاب نهائي كأس الملك، والهلال والنصر يستعدان لمعارك الحسم في دوري أبطال آسيا للنخبة، والطموحات عالية. لكن الواقع داخل الملعب لا يرتقي إلى هذه التطلعات. الأداء متذبذب، الهوية ضائعة، والتكتيك متغيِّر بلا ثبات. أين يكمن الخلل؟ في غرف القرار؟ في عقل المدرب؟ أم في فلسفة استقطاب استبدلت الروح بالأسماء؟
الهلال تحديدًا، وهو الممثِّل المرتقب في كأس العالم للأندية، لم يعد في موقع يسمح له بالتخبط. هذا النادي، الذي طالما مثَّل المعيار، لا يجب أن يقبل بأقل من التميّز المستمر. فالرهان عليه لم يعد مجرد رهان رياضي، بل وطني بامتياز، ومشاركته القادمة ليست مناسبة لتجريب الأفكار أو تدوير الأخطاء.
ما يحدث اليوم لا يستدعي مراجعة فنية داخل الأندية فقط، بل يتطلب تدخلاً حازمًا من صندوق الاستثمارات العامة، الجهة التي تقود مشروع التحول الرياضي، وتدير استثمارات ضخمة في هذه الأندية والنجوم. فهل يتابع الصندوق مؤشرات الأداء الفعلية؟ وهل تصدر تقارير واضحة تقيس العائد الفني، الإداري، والمالي؟ فالجماهير التي تدفع ثمن التذاكر المرتفعة، وتحضر وتُشجّع وتنتظر، تستحق الشفافية لا المجاملة، والمكاشفة لا التبرير.
نحن أمام مفترق طرق: إما أن يتحول المشروع إلى نموذج استثماري رياضي ناضج، يخضع للحوكمة والمحاسبة، ويقيس أثر كل صفقة ومدرب وقرار، أو أن يُختزل في صفقات إعلامية براقة ومظاهر بلا مضمون.
زمن الأسماء انتهى.. وزمن النتائج بدأ.
نجوم بلا تأثير، مدربون بلا رؤية، إدارات بلا حزم.. لا مكان لهم في مستقبل الكرة السعودية.