إعداد - عبدالله عبدالرحمن الخفاجي:
دشن معهد مسك للفنون - التابع لمؤسسة محمد بن سلمان غير الربحية «مسك» - النسخة الثانية من سلسلة المعارض الفردية الذي بدأها في العام الماضي 2024م.
وحيث بدأ معهد مسك هذه الفكرة من خلال معرض تشكيلي متحفي بعنوان: «من حولهم» وهو معرض جمع فيه معهد مسك للفنون (20) فناناً تشكيلياً من الجيل الأول من أجيال الحركة التشكيلية السعودية عُرض من خلاله 55 عملاً فنياً من نوادر الأعمال التشكيلية السعودية أقدمها أُنتج بتاريخ 1959م.
وامتداداً لهذا التوثيق وتكريماً لهذه النخبة من التشكيليين السعوديين الذين وضعوا اللبنة الأولى في تاريخ الفن التشكيلي السعودي بدأ معهد مسك للفنون بإقامة سلسلة من المعارض التشكيلية الفردية التي يستضيف من خلالها هؤلاء الفنانون، وكانت البداية بتاريخ 26 مايو 2024م حيث أقام معرضين فرديين للفنانين التشكيليين القديرين طه الصبان ويوسف جاها.
وفي مساء الأربعاء بتاريخ 23 أبريل 2025م افتتح النسخة الثانية باستضافة قامتين من قامات الفن التشكيلي السعودي وهم د. محمد الرصيص وأ. خليل حسن خليل من خلال معرضين تشكيليين عرض كل فنان منهم تجاربه التشكيلية من خلال أعمال مميزة تجمع بين أعوام مسيرته التشكيلية الطويلة وخبرته الإبداعية التي امتدت لعقود.
وعن هذا الحدث قالت مدير إدارة التقييم الفني وكبير القيمين الفنيين في معهد مسك للفنون الأستاذة بسمة الشثري: (نحتفل اليوم بإطلاق النسخة الثانية من سلسلة المعارض الفردية، وهي مبادرة مهمة جداً بالنسبة لنا لأنها تركز على توثيق تاريخ الفن التشكيلي السعودي، في كل سنة لدينا معرضان، في هذا العام الدكتور محمد الرصيّص والأستاذ خليل حسن خليل، العام الماضي استضاف معهد مسك الأستاذ طه صبّان والأستاذ يوسف جاها، نحاول في سلسلة المعارض الفردية إبراز مكانة وتاريخ هؤلاء الفنانين التشكيليين الذين كان لهم الدور الأكبر في تأسيس وتشكيل الهوية البصرية للفن التشكيلي السعودي، في كل معرض نحرص على وجود مفهوم معين يليق بكل فنان، ووجود قسم ضمن المعرض يركز على الأرشيف من صور، مقالات، وكتب وغيرها ليفهم المتلقي أكثر عن تاريخ الفنان ومسيرته كما أن المعرض الفردي يسهم في دراسة تجربة الفنان ومراحله الفنية في مراحل زمنية مختلفة، وتتضمن المعارض برامج تعليمية وجلسات حوارية مع الفنانين، ونحرص ايضاً على زيارة طلاب المدارس والجامعات ليتعرف الجيل القادم على تاريخ الفن التشكيلي السعودي وفهمه بشكل أكبر).
وقال د. محمد الرصيص: (أشكر صحيفة الجزيرة على تواجدها وتغطيتها لهذا المعرض، وأشكر معهد مسك على ما قام به من جهود في إقامة مثل هذا الحدث وعلى ما بذلوه من جمع الأعمال الفنية المشاركة حيث يعود تاريخ بعض الأعمال إلى ثمانينات القرن الماضي وما بعدها واقتنيت في مناسبات مختلفة، حيث إن جميع أعمالي لدى مقتنين واستطاع معهد مسك جمعها وإعادتها للنور لتعرض في هذا المعرض حيث إن بعضها يعرض لأول مرة، وهذا المعرض يعيدني إلى الساحة الفنية حيث إنني لم أقم معرضا شخصيا منذ فترة طويلة، إنما مشاركات في معارض جماعية فقط.
المحتوى في أغلبه يتحدث عن تجربتي في البحث عن جماليات العمارة النجدية التقليدية وسط المملكة العربية السعودية والبناء بالطين، وهذا البحث كان أيام درجة الماجستير حيث أخترت هذا الموضوع آنذاك، وبدأت البحث فيه والغوص في أعماق هذا النوع من العمارة وجمالياتها، ومر هذا البحث بثلاث مراحل أولها الشكل المعماري والمرحلة الثانية العنصر المعماري والمرحلة الثالثة هي التكوين المعماري، حيث يتضح في الشكل المعماري شكل البناء الطيني من الداخل أو الخارج، حيث تستطيع فهمه من خلال شكله مع تحرر لوني، أما العنصر المعماري حيث أخذت عنصرا أو أكثر ليكون مركز شد الانتباه في اللوحة من الشكل كاملاً مثل النافذة أو الباب أو الأعمدة، حيث أكون أو أجمع بين العناصر أو أخذ عنصرا واحدا موجودا أصلا في العمارة النجدية لكن مع التحرر اللوني والتحرر الشكلي، أما التكوين المعماري فهي مرحلة متقدمة أكثر تتجه للتجريد والتبسيط أكثر من المرحلتين السابقتين، حيث أصبح لدي مساحات متقابلة أو متداخلة هي في الأصل موجودة في العمارة التقليدية لكن يصعب استنتاجها أنها من العمارة الطينية التقليدية، وفنياً هي أعمق المراحل الثلاث.
وهناك أعمال أخرى كانت قبل البحث تمثل الحياة الشعبية في المملكة مثل البدوية والمغزل والأزياء وغيرها، وإيحاءات وتكوينات هندسية أيضاً تظهر تأثري ببعض المدارس الفنية كالتكعيبية وغيرها، أميل في جلّ أعمالي إلى سماكة اللون وترك أثر للفرشاة في العمل وأحب الألوان الزيتية أكثر من غيرها).
وقال الفنان التشكيلي أ.خليل حسن خليل: (هذا معرضي الشخصي الثالث، شرفني معهد مسك سابقاً بالتكريم في عام 2018م، والآن يزيد من تكريمي في إقامة هذا المعرض وأنا في هذا المعرض أطلق المسمى الحقيقي لأسلوبي وهو « الحلمية»، الحلم بمعنى التطلع وليس حلم المنام وهذا ما جمع بين أعمالي والفرق بين السريالية وأعمالي أن الحلم بالسريالية هو حلم منام بينما الحلم لدي هو حلم تطلع حيث إن كل عمل من أعمالي له فكر ومضمون وأبعاد بينما اللوحة السريالية هي لوحة إبهار بصري فقط، وقد صرحت في ذلك كثيراً، وبعد هذه السنين من تجربتي أصبح من حقي وضع اسم لتجربتي وهي (الحلمية) وليس السريالية.
يقدم معهد مسك رسالة وطنية بامتياز في هذه السلسلة من المعارض حيث تربط بين الأجيال وتوثق تاريخ الفنون البصرية والموروث وهذا حق من حقوق الأجيال القادمة).
وعن هذه النسخة أوضح معهد مسك: (يمر المشهد الفني السعودي بمرحلة تحول استثنائية، يسهم خلالها الفنانون الرواد في بلورة ملامح الهوية البصرية بأبعادها المتعددة. وإدراكاً منا لقيمة هذا الموروث الإبداعي وضرورة الاحتفاء به، يطلق معهد مسك للفنون النسخة الثانية من سلسلة المعارض الفردية - وهي منصة تختص بتسليط الضوء على رواد الحركة الفنية السعودية وتوثيق مسيرتهم الإبداعية وإبراز أعمالهم التي أثرت المشهد الثقافي وألهمت أجيالاً من المبدعين.
تقدم النسخة الثانية من سلسلة المعارض الفردية لهذا العام الفنان د. محمد الرصيص والفنان خليل حسن خليل، وهما من الأسماء البارزة التي تركت أثرًا عميقًا في الثقافة البصرية السعودية، حيث يتناول كل فنان بطريقته الخاصة موضوعات الأصالة والهوية والإبداع، مقدمين للجمهور رؤية عميقة للتحولات المهمة التي شهدتها الساحة الفنية السعودية.
في المعرض الأول بعنوان «بين الطراز»، يقدم د.محمد الرصيص رؤيته الفنية من خلال أسلوبه المسطح الفريد الذي يلتقط جوهر العمارة السعودية والزخارف الهندسية والتراث المحلي. من خلال هذه العناصر، يجسر الفنان المسافة بين الماضي والحاضر، مقدمًا منظورًا شخصيًا عميقًا ذا صدى عالمي حول البيئة المبنية ودورها في تشكيل الهوية.
في المعرض الثاني، «قد سمعنا ما قلت في الأحلام»، يأخذنا خليل حسن خليل في رحلة عبر تكويناته الحالمة من خلال التشكيلات الرمزية والخيال وعناصر الثقافة المحلية. يستلهم الفنان أعماله من منابع الذاكرة الفردية والتاريخ المشترك، ليعيد صياغة مفاهيم الهوية والإرث الإنساني عبر رؤيته الفنية المبتكرة التي أطلق عليها اسم «المدرسة الحُلمية».
يفتح كل معرض على حدة أبوابه للزوار ليتتبعوا مسار تأثير هذين الفنانين البارزين في تشكيل الثقافة البصرية السعودية، حيث استطاعا الاحتفاظ بالتراث بجذوره الأصيلة، مع دفع حدود التعبير الفني نحو فضاءات أوسع وأكثر ابتكارًا.
يقوم معهد مسك للفنون - التابع لمؤسسة محمد بن سلمان غير الربحية «مسك» - بدور كبير في توثيق الحركة التشكيلية السعودية وتوثيق تاريخها الكبير ومد الجسور بين أجيال الحركة التشكيلية الأولى وصولاً للأجيال الشابة من الفنانين التشكيليين في المملكة العربية السعودية والجمهور الثقافي بشكل عام كما يقوم بدور بارز في التدريب والتأهيل والدعم للأجيال الشابة لتواكب الحراك الفني العالمي من خلال العديد من البرامج والابتعاثات والإقامات وغيرها بما يتناسب مع رؤية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ودعماً للإبداع السعودي والطاقات الشابة في المملكة.
** **
تويتر:
AL_KHAFAJII