عبدالعزيز صالح الصالح
القلق يصيب المرء بالعجز والضعف والهوان تارة لحدوث مشكلة (ما) تستعصي على الفرد حلها، أمثال أسئلة لا يجد لها جواباً سواء كانت فكريَّة، أو سياسيَّة، أو تعليميَّة، أو تربويَّة، أو اقتصاديَّة، أو اجتماعيَّة، أو عسكريَّة، أو علميَّة، فإن أبجديات القلق تنبعث تلقائياً في النَّفس البشريَّة مجرد الشعور بالعجز والضعف الذي يؤدِّي إلى الملل والكسل والسخط على هذه الحياة الصعبة إلى جانب الكآبة والحزن، الَّذي يؤدِّي إلى جمود المرء عن السير قدماً نحو الأفضل، فالقلق ظاهرة خطيرة تصيب الأفراد والأمم والشعوب، فهي أزمة الحضارة القائمة في العالم لأنها حضارة مادَّية تفصل الدين عن الحياة، وتجعل الحياة مادَّية بحتة، فإن معارف المرء محدودة مهما بلغت، وأن قواه محدودة أيضاً مهما سمت ونمت، فإن القلق يتحكم في القلب والعقل والتفكير ويؤثِّر على السلوك بسبب تلك الحضارة المادَّية التي لا تقيِّم للروح أي قيمة في حياة الفرد ولا للقيم الخلقية والإنسانيَّة أيَّ اعتبار، فهي التي أوجدت في المرء الشعور بالقلق والاضطراب والخوف والحزن على المصير - وشككت الشعوب المتدينة بالدِّين، مما أدى هذا الأمر الى انبعاث القلق في الأمم التي ابتليت بالحضارة الغربيَّة المزيفة.
والحضارة الحديثة هي المسؤولة عن هذا القلق الذي أصاب الإنسان المعاصر، وإن علاج هذه الظاهرة الإنسانيَّة لا تكون بأفكار علم النَّفس أو الاجتماع أو التربيَّة فلا بد للمرء أن يستمد التشريع الإسلاميِّ من القرآن الكريم ومن السُّنة النبوية، وفيها يجد كافَّة الحلول لما يعترضه من عوائق كما يجد الإجابة الشافية للأسئلة التي تراوده عن وجود هذا الكون والإنسان والحياة وعن علاقتهم جميعاً بما قبل هذه الحياة الدنيا وما بعدها، فإذا وجد ذلك زالت دواعي القلق من النفوس وحلت مكانها الطمأنينة الدائمة التي يرسخها الإيمان في النَّفس البشريَّة، ولا شك أن التشريع الصحيح هو الذي يكون من عند الله، لأنه من خالق الكون والإنسان والحياة باعتبار أن الإسلام، رسالة إنسانية، قد حل للإنسان العقدة الكبرى لديه بأن أعطاء فكرة كلية عن هذا الكون والإنسان والحياة، وما قبلها وما بعدها، فالقلق عند المرء منشأه عدم اهتدائه إلى الحلول الصحيحة لمشاكله، فقد عالج الإسلام هذه الأمور بالأحكام الشرعيَّة فأنظمة العقوبات تحول بين المجتمع والجريمة، وأنظمة المعاملات تمنع المخاصمات بين الأفراد، والعبادات تجعل الإنسان على صلة دائمة بخالقه ممَّا يوجد فيه النَّفس البشريَّة الطمأنينة، والأمن، والسَّعادة، والاستقرار - كما قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فالله سبحانه وتعالى يخيرنا أن السَّعادة والسّرور في الإيمان بالإسلام.