خالد بن عبدالرحمن الذييب
كيف تنتشر كذبة وتتغير حقيقة معينة، وينقلب الواقع ويصبح الحق باطلاً، والباطل حقاً عند أذهان الناس؟. كثير من الكتب والروايات ظهرت لتبيين كيفية الضحك على الجماهير وتزييف الحقائق منها على سبيل المثال، كتاب «سيكولوجية الجماهير» لجوستاف لوبون، وكتاب «الأمير» لميكافيللي، ورواية «مزرعة الحيوانات» لجورج أورويل.
تدور فكرة هذه الكتب الثلاثة، حول كيفية خداع الجماهير والسيطرة عليهم، إما من خلال وضوح تام مثل كتاب ميكيافللي، أو من خلال إدارة عامة للفكرة مثل «سيكولوجية الجماهير» أو من خلال رواية كوميدية فانتازية مثل «مزرعة الحيوانات».
كتب من هذا النوع تبين كيفية تكذيب الحقائق ونشر الأكاذيب إلى أن يصبح الأمر وكأن الحقيقة كذبة والكذبة حقيقة، وذلك عن طريق فرضية (ت.ن.ت). وهي باختصار «تفسير حقيقة معينة بنظرية مختلفة بعيدة كل البعد عن ماهيتها وحقيقتها ثم نشرها وخلق المتعصبين لها».
فعلى سبيل المثال، أبو عبيدة عامر بن الجراح - رضي الله عنه - قتل والده المشرك، في قصة متداولة في كتب التاريخ. التفسير الخاطئ للقصة هو أن أباعبيدة رأى أباه مشركاً» يحارب الإسلام والمسلمين، وبالتالي يجوز قتله، مع أن القضية ليست بهذه السطحية، ولكن من يريد استغلال القصة سلبياً لا يذكر أن أبا عبيدة كان يتحاشى والده أثناء المعركة، ولكن والده أصر على المواجهة فحدث ما حدث.
تم تفسير هذه الفكرة بشكل خاطئ، ونشرها ليتم تداولها عبر كتب التراث سابقاً ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي حالياً بتفسيرها الخاطئ فقط، فيزداد أعداد من يقرأ هذه القصة بتفسيرها الخاطئ، ثم يقوم بنشرها إلى العامة، وكل عامي يقوم بنشرها إلى عاميين آخرين وهكذا تنتشر القصة وتفسيرها الخاطئ. المرحلة الأخطر بعد ذلك هي «التعصب لهذه الفكرة». يقرأ أحدهم الحقيقة، حقيقة قتل أبي عبيدة لوالده، مفسرة تفسيراً خاطئاً منتشراً عند العامة، وتأتيه عن طريق شخص يثق به تماماً فيتعصب لهذه الفكرة، النتيجة ظهور الأفكار المتطرفة.
أخيراً...
هناك حدث حقيقي...
إن أخذت نصفه... أصبح كذبة!
ما بعد أخيراً...
(ت.ن.ت) باختصار هي:
(ت) فسير الحقائق بنظريات خاطئة.
(ن) شر التفسير الخاطئ.
(ت) عصب لهذا التفسير...