هويدا المرشود
لم تكن «رؤية 2030» وثيقة حكومية فحسب، بل لحظة مفصلية قررت فيها السعودية أن تُفاجئ العالم، لا بالشعارات، بل بالفعل.
في عام 2016، لم يكن إعلان الرؤية مجرد حدث إعلامي، بل ولادة نهج جديد لدولة أرادت أن تكون في قلب المستقبل، لا على هامشه. لم يكن وراء هذه الرؤية طموح اقتصادي فقط، بل مشروع وطني يُعيد تعريف معنى الدولة القادرة، الطامحة، والمُلهمة.
السعودية لم تخرج من أزمة، بل دخلت معركة التنمية بكل ثقة، وهي واقفة، شامخة، بكامل سيادتها. لم تسعَ لأن تواكب العالم، بل لتقوده. لم تقتبس تجارب غيرها، بل صنعت تجربتها الخاصة، التي باتت تُدرّس.
ومن يقود هذا التحول ليس موظفًا إداريًا، بل قائد برؤية إستراتيجية عميقة تُؤسس لمستقبل مختلف.
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لم يتعامل مع الرؤية كمجرد خطة، بل كمشروع سيادي شامل، يستحضر التاريخ، ويصوغ المستقبل.
من رؤية إلى أسلوب حياة
لم يعد سؤال: «ماذا تريد المملكة؟» مطروحًا.
السؤال الآن: «إلى أين يمكن أن تصل؟»
وهذا هو السؤال الذي تُطرحه العواصم الكبرى، ليس بفضول، بل بدهشة وإعجاب.
السعودية اليوم لم تعد مجرد اقتصاد نفطي تقليدي، بل أصبحت مختبرًا للابتكار السيادي، ومنصة لصناعة الحلول لا استيرادها.
تُدار الدولة بعقلية استباقية، لا انتظارية.
بفكر إستراتيجي لا يعترف بالثوابت الجامدة، بل يُعيد تشكيلها.
إنجازات تتحدث
تحت مظلة الرؤية، لم تعد التطلعات طموحات، بل تحققت على أرض الواقع، بكل فخر وشموخ:
- نسبة البطالة انخفضت من 12% إلى 7.7 % في 2023 - في أقل من عقد.
- مشاركة المرأة في سوق العمل تجاوزت 35 % - بعد أن كانت أقل من 20 % قبل الرؤية.
- نيوم، القدية، البحر الأحمر - مشاريع تبني المستقبل، لا تكرر الماضي.
- الرياض تتحوّل - من عاصمة إدارية إلى مركز عالمي للأعمال والثقافة والإبداع.
- الاستثمار الأجنبي يتضاعف - وثقة الأسواق ترتفع في نموذج سعودي جديد.
- صندوق الاستثمارات العامة بين الأكبر عالميًا، يموّل مشاريع إستراتيجية داخل المملكة وخارجها.
- القطاع السياحي يتطور بسرعة مذهلة، مع أكثر من 100 مليون زيارة سنويًا، ووجهات تنافس الأفضل عالميًا.
- القطاع الثقافي والفني ينهض، ويُعيد تعريف الهوية السعودية بقوة ناعمة تصل للعالم.
محمد بن سلمان... حين يتحوّل القائد إلى مستقبل
من النادر أن يصنع قائد هذا الكم من التحولات دون ضجيج.
الأمير محمد بن سلمان لم ينتظر التصفيق، بل فرض على الأرقام أن تُصَفِّق.
قاد الدولة كأنها مشروع حضاري كامل، لا مجرد إدارة حكومية.
لماذا ينظر إلينا العالم؟
لأننا لم نكن يومًا تابعين، بل كنا دائمًا أصحاب قرار، وسيادة، ورؤية.
واليوم، نُعلن هذا الدور بفكر جديد، وعزم لا يلين.
نحن نبني نموذجًا لا يُقلد، بل يُربك ويُلهم.
لقد تحولت المملكة من «موضوع للتقارير الدولية» إلى «مرجع للنماذج القادمة»، ومن مجرد دولة نفطية إلى مدرسة في التخطيط، والتنمية، وصناعة القرار.
2030... بداية لا تشبه النهايات
الرؤية ليست موعدًا في المستقبل، بل لحظة نعيشها الآن.
السعودية لا تنتظر الوصول إلى 2030 لتحتفل، بل تحتفل كل يوم بإنجاز جديد، وقفزة جديدة، وتحوّل جديد.
ليست المسألة أرقامًا، بل فلسفة.
فلسفة دولة شرقية، واثقة، شامخة، قررت أن تُعيد تعريف ذاتها، لا من خلال تقليد الغرب، بل من خلال تحدّي الزمن، وصناعة المستقبل بشخصيتها وهويتها.