د.م.علي بن محمد القحطاني
شهادة حق من واقع تجربة وتعامل مباشر على ما يبذله منسوبو هيئة التراث من جهود تذكر فتشكر لتيسير أعمال الهيئة وأداء مهامهم باجتهاداتهم الفردية، وتسخير علاقاتهم الشخصية ومعارفهم في ذلك في ظل عدم وجود آلية واضحة وتشريعات ملزمة في حل الكثير من العوائق التي تواجههم، ولكن هذا الأسلوب قد يفيد مرة أو مرتين أو ثلاثاً لكن عندما نتحدث عن مشروع وطن فإن الأمر يتطلب توافر الأدوات المناسبة والتشريعات الملزمة التي تساعدهم على أداء واجباتهم على أكمل وجه، فمهامهم عبارة عن منظومة متكاملة علاقاتها تكاملية مع العديد من الجهات الحكومية والخدمية. ولكن في ظل البيروقراطية الحالية وتمسك كل جهة وإدارة بما لديها من تعليمات وأنظمة معلبة حتى لم يكلفوا أنفسهم بتحديث تلك الإجراءات ومراجعتها، فالمملكة قارة مترامية الأطراف ولا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق ما هو صالح ومناسب في المدن على القرى وحتى القرى قد يكون هناك أجزاء منها تراثية وفي بعضها تاريخية تحتاج لأنظمة خاصة وميسرة للحفاظ عليها (مطبقة في الأجزاء التاريخية فقط) وعامل جذب لتشجيع البقية للمساهمة في حفظ تراث وآثار المملكة.
تحولت هيئة التراث ظاهرياً إلى معول هدم بدلاً من أداة إصلاح وبناء وأحد أهم مرتكزات تحقيق رؤية 2030، ومن أسباب ذلك عدة جهات ومنها شركة الكهرباء، ففي الوقت الذي تسعى فيه الهيئة لتشجيع وحث المواطنين لإحياء تراثهم والمحافظة على دور وقصور آبائهم وأجدادهم وما تحتاجه من خدمات إلا أن بقية الجهات ومنها شركة الكهرباء تقف عائقاً أمام تطوير تلك الدور أو الاستفادة منها، فأصبحت مأوى لمخالفي أنظمة الإقامة والحدود اتخذوها سكناً لهم والبعض الآخر حولوها لأوكار لممارسة كل ما هو مخالف للقانون، وأما المحيطون بها من سكان تلك القرى فقد تركوها وابتعدوا عنها خوفاً من أن تكون مسكونة، بل أصبحت تُحبك حولها الإشاعات وتحاك حولها الروايات.
فملاك تلك الدور والهيئة بهذه الطريقة تحولوا إلى بقعة سوداء وحجر عثرة في مسيرة التنمية وتحقيق الرؤية وتطلعات ولاة الأمر. فحتى شهادة الامتثال التي لم يبدأ تطبيقها في المدن الكبرى في المملكة إلا حديثاً تطالب بها شركة الكهرباء في تلك القرى النائية وغيرها كثير وكثير. نحن بحاجة ماسة وسريعة للانتقال الفوري من مرحلة ردود الأفعال إلى صناعة الأحداث بإعداد خطة متكاملة وبرنامج عمل ملزم لكافة الجهات، والسعي لإقرار التشريعات اللازمة والملزمة لكل تلك الجهات بعيداً عن الاجتهادات واللجان. خطوات وإجراءات عاجلة: إلزام البلديات والأمانات وكل جهة خدمية مثل شركات الكهرباء والمياه وخلال فترة زمنية محددة بمراجعة أنظمتهم واستحداث - إن لم يكن موجوداً - باب أو فصل يتعلق ويختص بتلك المباني بشيء من التفصيل وبما هو ممكن تطبيقه، فعلى سبيل المثال لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق عروض الشوارع أو شهادة الامتثال على تلك المناطق.
مقترح: أن تقوم تلك الجهات بإنارة وتمديد الخدمات الملحة والضرورية في المناطق العامة المحيطة أو تتخلل تلك المباني مثل الإنارة وشبكات المياه، حيث تتطلب بل تحتاج تلك الدور إلى كهرباء على الأقل (عداد خدمات) فأغلبها تتطلب إنشاء دورات مياه حديثة بجوارها وكذلك أعمال الإضاءة الفنية لإبراز جمال تلك المباني ليلاً.