أ.د.عثمان بن صالح العامر
صدر يوم الجمعة الماضي تقرير (رؤية المملكة 2030 التاسع) الذي استعرض بكل شفافية ووضوح التقدم المحرَز في مؤشرات الرؤية وإنجازاتها خلال عام 2024، وفي الوقت ذاته تناول الاستراتيجيات الوطنية مع برامج تحقيق الرؤية، كما ركز على الأرقام والبيانات الفنية وقصص النجاح التي عاشتها الرؤية طوال السنوات التسع الماضية.
واستعرض التقرير كذلك مبادرات الرؤية التي تمضي بخطوات ثابتة نحو تحقيق مستهدفاتها في كافة القطاعات وعلى جميع المستويات، وفي مستهل هذا التقرير الذي يفخر به كل مواطن سعودي قال مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز: «نحمد الله على ما تحقق لبلادنا من إنجازات خلال أقل من عقد من الزمن، جعلت منها نموذجاً عالمياً في التحولات على كافة المستويات، وإننا إذ نعتز بما قدمه أبناء الوطن الذين سخّروا جهودهم للمضي به نحو التقدم والازدهار، سنواصل معاً مسيرة البناء لتحقيق المزيد من التنمية المستدامة المنشودة للأجيال».
ودوَّن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مهندس الرؤية ومبدعها ومتابع تنفيذها وداعمها ما نصه : «ونحن في عامنا التاسع من رؤية المملكة 2030، نفخر بما حققه أبناء وبنات الوطن من إنجازات. لقد أثبتوا أن التحديات لا تقف أمام طموحاتهم، فحققنا المستهدفات، وتجاوزنا بعضها، وأننا سنواصل المسيرة بثبات نحو أهدافنا لعام 2030، ونجدد العزم لمضاعفة الجهود، وتسريع وتيرة التنفيذ، لنستثمر كل الفرص ونعزز مكانة المملكة كدولة رائدة على المستوى العالمي».
لقد كانت انطلاقة رؤية السعودية المباركة في 25 إبريل 2016، وشَكلت منذ لحظة الميلاد حقبة تاريخية جديدة في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث مستندة إلى إرث عظيم يمتد لثلاثة قرون، حيث تأسيس هذا الكيان العزيز الدولة السعودية الأولى عام 1139- 1727. وسرعان ما تَخطت الرؤية الطموحة القائمة على مرتكزات القوة ومكامن التميز حدود التخطيط إلى التنفيذ، وحققت محاورها الثلاثة: (اقتصاد مزدهر، وطن طموح، ومجتمع حيوي)، مستهدفاتها مبكرًا، ليشهد العالم تأثيرها، ويصبح الوطن نموذجًا ملهمًا للمستقبل. والنظر في الواقع والمتأمل في المنجزات والقارئ لخارطة الوطن خلال السنوات التاسع يمكن له أن يجزم بأن ما تحقق يتسم بسمات عدة لعل من أبرزها:
- الشمولية، فجميع مناطق المملكة نالت حظاً وافراً من منجزات الرؤية، وإن تباينت من منطقة لأخرى حسب جاهزيتها واكتمال بنيتها الأساسية، وتفاعل مسئوليها وقاطنيها وحرصهم على سرعة تنفيذاً مضامين الرؤية بما يتوافق المزايا النسبية في مناطقهم.
- التكامل بين القطاعات التنموية المختلفة، فالجميع يعملون بروح الفريق لتحقيق جودة الحياة، وتنوع مصادر الدخل، وازدهر الاقتصاد، في ظل توجيهات ولاة الأمر وعلى ضوء رؤية المملكة 2030.
- التناغم، فلا يشعر المراقب الراصد حين ينظر في منجزات الرؤية بأي نتوءات حين التنفيذ على أرض الواقع، إذ إن التخطيط الجيد جعل التنفيذ يتم وفق رؤية واضحة مسبقاً، ولا يقبل الاجتهادات الفردية أو التغيير من قبل كائن من كان بلا مبرر مدروس ومقتنع، فكان ثمة تناغم ملحوظ بين مشاريع الرؤية وإن اختلفت المسميات وتعددت القطاعات التي تباشر الإنجاز المطلوب في الميدان.
- التفاعل، فالكل منخرط في ميادين العمل الدؤوب من أجل تسريع عجلة الإنجاز لأدبيات الرؤية ومضامينها خاصة من هم في سن الشباب الذين راهن عليهم سمو سيدي واعتبرهم رأس المال الحقيقي للوطن، والثروة التي تتجدد ولا تنضب، فالمسئولية التنموية في ظل الرؤية أضحت مسئولية الجميع مجتمعاً ومؤسسات، كلٌّ حسب موقعه في خارطة البذل والعطاء لهذا الجزء من الوطن، هذا بجهده والآخر بماله والثالث بفكره والرابع بإعلامه وتسويقه والخامس بتحفيزه وتشجيعه والسادس بدعائه وتسبيحه وهكذا.
- التدرج، فالرؤية مبنية على التخطيط الإستراتيجي ذي المراحل المتعددة والمتكاملة ولا وجود لما يعرف بحرق المراحل وصولاً للمنجز وذلك من أجل ضمان الجودة وتحقق الاستمرارية وإقصاء أي نوع من أنواع التلاعب والفساد، حيث المراقبة المباشرة على ما تم في كل مرحلة وإجازته ومن ثم الانتقال لما بعده وهكذا.
- الانسيابية في العمل، حيث يتم تذليل الصعوبات وتحجيم التحديات من قبل المسئولين في كل قطاع بشكل يضمن سرعة الإنجاز وانسيابية العمل، في ظل متابعة دائمة من قبل أمراء المناطق وأصحاب المعالي الوزراء كلٌّ حسب مسئوليته التي حملها إياه ولاة الأمر الذين يولون الوطن والمواطن جل اهتمامهم وعظيم رعايتهم، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء، والسلام.